للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المقام الثَّاني: وهو أنه هل يُقرُّ بأنه أخبر بهذا أو لا يقرُّ به؟ فإن لم يُقرَّ به جهلًا عُرِّف ذلك بما يَعْرِفُ به أنه ظهر ودعا إلى الله وحارب أعداءه. فإن أصرَّ على إنكاره ذلك فقد خرج من جملة العقلاء، وأنكر الأمور الضرورية، كوجود بغداد ومكة والهند وغيرها. وإن أقرَّ بأنه أخبر بذلك فالكلام معه في:

المقام الثَّالث: وهو أنه هل أراد ما دلَّ عليه كلامه ولفظه أو أراد خلافه؟ فإن ادَّعى أنه أراده فالكلام معه في:

المقام الرَّابع: وهو أن هذا المراد حقٌّ في نفسه أم باطلٌ؟ فإن كان حقًّا لم يتصور أن يُعارضه دليلٌ عقليٌّ البتةَ، وإن كان باطلًا انتقلنا معه إلى:

مقامٍ خامسٍ: وهو أنه هل كان يعلم الحقَّ في نفس الأمر أو لا يعلمه؟ فإن قال: لم يكن عالمًا به، فقد نسبه إلى الجهل. وإن قال: كان عالمًا به انتقلنا معه إلى:

مقامٍ سادسٍ: وهو أنه هل كان يمكنه التعبير والإفصاح عن الحقِّ ـ كما فعلتم أنتم بزعمكم ـ أم لم يكن ذلك ممكنًا له؟ فإن لم يكن ذلك ممكنًا له كان تعجيزًا له ولمرسله عن أمرٍ قدر عليه أفراخ الفلاسفة، وتلامذة اليهود، وأوقاح [ق ٥١ أ] المعتزلة والجهمية. وإن كان ممكنًا له ولم يفعله كان ذلك غشًّا للأُمة، وتوريطًا لها في الجهل بالله وأسمائه وصفاته، واعتقاد ما لا يليق بعظمته فيه، وأن الجهمية والمعتزلة وأفراخ اليونان وورثة الصَّابئين والمجوس هم الذين نزَّهوا الله سبحانه عمَّا لا يليق به، ووصفوه بما (١) يليق به، وتكلموا بالحقِّ الذي كتمه الرَّسول. وهذا أمرٌ لا محيد لكم عنه،


(١) بعده في «ح»: «لا». وهي زيادة مفسدة للمعنى.