للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النقل، أو من جنسها، أو قريبة منها، كما قيل (١):

دَعِ الخَمْرَ يَشْرَبْهَا الغُوَاةُ فَإِنَّنِي ... رَأَيْتُ أَخَاهَا مُغْنِياً بِمَكَانِهَا

فَإِلَّا يَكُنْهَا أَوْ تَكُنْهُ فَإنَّهُ ... أَخُوهَا غَذَتْهُ أُمُّهُ بِلِبَانِهَا

فقد أُورِدَ على القدح في النبوات ثمانون شبهةً أو أكثر، وهي كلها عقلية، وأُورد على إثبات الصَّانع سبحانه نحو أربعين شبهةً كلها عقلية، وأُورد على المعاد نحو ذلك. والله يعلم أن هذه الشُّبه من جنس شُبه نُفاة الصِّفات وعلو الله على خلقه وتكلُّمه وتكليمه ورؤيته بالأبصار عيانًا في الآخرة، لكن نفقت هذه الشُّبه بجاه (٢) نسبة أربابها إلى الرَّسول والإسلام، وأنهم يذبُّون عن دينه، وينزهون الربَّ عمَّا لا يليق به، وإلَّا فعند التحقيق القاعُ عَرْفَجٌ (٣) كلُّه، ولا فرق بين الشُّبه المعارضة لأصل نبوة الرسول والشُّبه المعارضة لما


(١) البيتان لأبي الأسود الدؤلي، وهما في «ديوانه» (ص ١٦٢) و «شرح أدب الكاتب» للجواليقي (ص ٢٩٩). وقال الجواليقي: «يخاطب مولى له كان يحمل تجارة إلى الأهواز، وكان إذا مضى إليها يتناول شيئاً من الشراب؛ فاضطرب أمر البضاعة، فقال أبو الأسود هذه الأبيات ينهاه عن شرب الخمر، ويقول: إن الزبيب يقوم مقامها، فإن لم تكن الخمر نفسها من الزبيب فهي أخته، اغتديا من شجرة واحدة، وقيل: إنه عنى بقوله أخوها الطلاءَ».
(٢) «ح»: «الشبهة تجاه». والمثبت من «م».
(٣) «ح»: «عن فخ». والقاع: المستوي من الأرض. «الصحاح» (٣/ ١٢٧٤). والعرفج: شجر من شجر الصيف ليِّن أغبر، له ثمرة خشناء كالحسك. «تاج العروس» (٦/ ١٠٠). والعرب تقول: «مررت بقاعٍ عرفجٍ كلُّه» أي: جاف وخشن. كما قال ابن جني في «الخصائص» (٢/ ٤٧٢).