إلى أضعاف أضعاف ذلك، كما ذكر في سورة ق والذاريات والطور والرحمن والمرسلات وسورة إبراهيم والحجر والنحل، فتأمل أدلة سورة النحل من أولها إلى قوله: {فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ اَلْبَلَاغُ اُلْمُبِينُ (٨٢) يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اَللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ اُلْكَافِرُونَ} [النحل: ٨٢ - ٨٣].
وما ذكر في سورة لقمان والسجدة و {هَلْ أَتَى عَلَى اَلْإِنسَانِ} وآخر الغاشية وسورة البلد والشمس وضحاها، وما ذكر في سورة الأنعام وسورة الصافات وطه والأنبياء والحج والمؤمنون والفرقان من الأدلة التي هي للبصائر كالشمس للأبصار، فأبى المتكلمون إلَّا دليل الجواهر والأعراض والحركة والسكون والاجتماع والافتراق.
ولعمر الله لم يزل إيمان الخلق صحيحًا حتى حدثت هذه الأدلة المبتدعة (١) الباطلة، فأوقعت الأمة في العناء الطويل، وفرقت الكلمة، وعارضت بين العقل والوحي، وألقت بينهم العداوة والتباغض والتلاعن، حتى استحل بعضهم من بعضٍ ما لم يستحل مثلها المحاربون للإسلام وأهله، وحتى فُتح على النصوص باب التحريف والتأويل، ورُميت بأنها أدلة لفظية لا تُفيد اليقين، وساءت ظنون أتباع هؤلاء بوحي ربِّ العالمين، وهذا كله ببركة هذه الطريق المخالفة للسمع والعقل.
فالله سبحانه نَهَجَ لعباده الطريق الموصلة إلى معرفته والإقرار بأسمائه وصفاته وأفعاله، فأعرض عنها هؤلاء واشتقوا طريقًا موصلة إلى تعطيل الخالق، ونفي أسمائه وصفاته وأفعاله، وقالوا للناس: لا يتم إيمانكم