للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يشفع عنده أحدٌ إلَّا بإذنه. ثم ذكر سعة عِلمه وإحاطته، ثم عقبه بأنه لا سبيلَ للخلق إلى علم شيءٍ من الأشياء إلَّا بعد مشيئته لهم أن يعلموه. ثم ذَكر سعة كرسيِّه، منبِّهًا به على سعته سبحانه وعظمته وعلوِّه، وذلك توطئة بين يدي ذكر علوه وعظمته. ثم أخبر عن كمال اقتداره وحِفظه للعالم العلوي والسفلي من غير اكتراثٍ ولا مشقةٍ ولا تعبٍ. ثم ختم الآيةَ بهذين الاسمين الجليلين الدالين على علو ذاته وعظمته في نفسه.

وقال في سورة طه: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه: ١٠٧] وقد اختُلف في تفسير الضمير في {بِهِ} فقيل: هو الله سبحانه. أي: ولا يحيطون بالله علمًا. وقيل: هو ما بين أيديهم وما خلفهم (١). فعلى الأول يرجع إلى العالم، وعلى الثاني يرجع إلى المعلوم. وهذا القول يستلزم الأول من غير عكسٍ؛ لأنهم إذا لم يحيطوا ببعض معلوماته المتعلقة بهم، فألَّا يحيطوا علمًا به سبحانه أولى.

وكذلك الضمير في قوله: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ} [البقرة: ٢٥٣] يجوز أن يرجع إلى الله، ويجوز أن يرجع إلى {مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} أي: ولا يحيطون بشيءٍ من عِلم ذلك إلَّا بما شاء. فعلى الأول يكون المصدر مضافًا إلى الفاعل، وعلى الثاني يكون مضافًا إلى المفعول (٢).


(١) ينظر: «تفسير الطبري» (١٦/ ١٧١) و «التفسير البسيط» للواحدي (١٤/ ٥٢٣) و «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (١١/ ٢٤٨).
(٢) ذكر القولين الراغب في «تفسيره» (١/ ٥٣٧). والمشهور في التفاسير القول الأول، ينظر: تفسير الطبري» (٤/ ٥٣٦) و «التفسير البسيط» (٤/ ٣٥١) و «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (٣/ ٢٧٦). واقتصر السمعاني في «تفسيره» (١/ ٢٥٨) على الثاني.