للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول: أسألك لذة النظر إلى وجهك، فقال: «يا هذا، هب أن له وجهًا، أفتلتذُّ بالنظر إليه؟» (١). وهذه نزعةٌ اعتزاليةٌ، وإلَّا فأهل المعرفة بالله وخاصة أولياء الله ليس عندهم شيءٌ ألذُّ من النظر إلى وجهه الكريم، وليس بين هذه اللذة ولذة الأكل والشرب والنعيم المنفصل نسبةٌ أصلًا، كما لا نسبة بين الربِّ جل جلاله وبين شيءٍ من مخلوقاته، فالنسبة بين اللَّذَّتين لا تُدرك أصلًا.

قال شيخنا (٢): «وعلى ذلك جميع أهل السُّنَّة وسلف الأمة وأئمة الإسلام».

قال الحسن البصري شيخ الإسلام في زمن التابعين: «لو علم العابدون أنهم لا يرون ربهم في الآخرة لذابت نفوسهم في الدنيا شوقًا إليه» (٣).

وقال الشافعي - رحمه الله -: «لو علم محمد بن إدريس أنه لا يرى ربه في الآخرة لَمَا عبده في الدنيا» (٤).

وقال: «أنا أخالف ابن عُلَية (٥) في كل شيءٍ حتى في قول لا إله إلَّا الله،


(١) قال ابن تيمية في «منهاج السنة» (٥/ ٣٩٢ (: «وهذا ونحوه ممَّا أُنكر على ابن عقيل، فإنه كان فاضلًا ذكيًّا، وكان تتلون آراؤه في هذه المواضع، ولهذا يوجد في كلامه كثير مما يوافق فيه قول المعتزلة والجهمية، وهذا من ذاك.».
(٢) «مجموع الفتاوى» (١٠/ ٦٩٦).
(٣) أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (٤٨٦) والدارمي في «الرد على الجهمية» (٢٠٢) والآجري في «الشريعة» (٥٧١) واللالكائي في «أصول الاعتقاد» (٨٦٩) وأبو نعيم في «الحلية» (٥/ ٢٧٨).
(٤) أخرجه الحاكم ـ كما في «حادي الأرواح» (٢/ ٦١٦) ـ واللالكائي في «شرح أصول الاعتقاد» (٨٨٣) والبيهقي في «مناقب الشافعي» (١/ ٤١٩).
(٥) هو إبراهيم بن إسماعيل ابن عُلية، قال ابن تيمية في «الاستقامة» (١/ ٣٣٧): «كان متكلمًا تلميذًا لعبد الرحمن بن كيسان الأصم ـ أحد شيوخ المعتزلة ـ وكان قد ذهب إلى مصر، وكان بينه وبين الشافعي مناوأة».