للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله كان ولا شيء؟

فيقول نعم.

فقل له: فحين خلق الخلق خلقه في نفسه أو خارجًا من نفسه؟

فإنه يصير إلى ثلاثة أقوال [لا بد له من] (١) واحدٍ منها:

إن زعم أن الله خلق الخلق في نفسه، فقد كفر حين زعم أنه خلق الجن والشياطين في نفسه.

وإن قال: خلقهم خارجًا من نفسه ثم دخل فيهم، كان هذا أيضًا كفرًا حين زعم أنه دخل في كل مكانٍ وحَشٍّ (٢) قَذِرٍ رديءٍ.

وإن قال: خلقهم خارجًا من نفسه ثم لم يدخل فيهم، رجع قوله كله أجمع، وهو قول أهل السنة».

وبقي هاهنا قسمان، سكت الإمام أحمد عن التعرُّض لإبطالهما؛ لأن بطلانهما معلومٌ بالضرورة، [ق ١٠٤ أ] فإن أحدهما يتضمن إثبات النقيضين، والآخر يتضمن رفعهما.

فالأول: أن يكون خلقهم خارجًا عن نفسه وداخلًا في نفسه.

والثاني: أن يكون غير خارجٍ عنهم ولا داخلٍ فيهم، أو يكونوا غير خارجين عنه ولا داخلين فيه؛ فإن نفي هذا كنفي أن يكون قائمًا بنفسه وقائمًا بغيره وأن يكون قديمًا ومحدثًا، ونحو ذلك ممَّا يُنفَى فيه النقيضان.


(١) ليس في «ح»، وأثبته من «الرد على الجهمية والزنادقة».
(٢) يعني: موضع قضاء الحاجة. «النهاية في غريب الحديث» (١/ ٣٩٠).