للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالحق، وإنما المُعوَّل على آراء الرجال وما تقتضيه عقولها.

وأنت إذا تأملتَ تأويلاتهم رأيت كثيرًا منها لا يحتمله اللفظ في اللغة التي وقع بها التخاطبُ، وإن احتمله لم يحتمله في ذلك التركيب الذي تأوَّلَه. وليس لأحدٍ أن يحمل كلامَ الله ورسوله على كل ما ساغ في اللغة أو الاصطلاح لبعض الشُّعراء أو الخُطباء أو الكُتَّاب أو العامة، إلَّا إذا كان ذلك غيرَ مخالفٍ لِمَا عُلِمَ من وصف الربِّ تعالى وشأنه، وما تضافرت به صفاتُه لنفسه وصفات رسوله له، وكانت إرادةُ ذلك (١) المعنى بذلك اللفظ ممَّا يجوز ويصلح نسبتها إلى الله ورسوله، لا سيما والمتأوِّل يخبر (٢) عن مراد الله ورسوله، فإن تأويل كلام (٣) المتكلم بما يوافق ظاهرَه أو يخالفه (٤) إنما هو بيان لمراده. فإذا عُلم أن المتكلم لم يُرِدْ هذا (٥) المعنى، وأنه يمتنع أن يريده، وأن في صفات كماله ونُعوت جلاله ما يمنع من إرادته، وأنه يستحيل عليه من وجوهٍ كثيرةٍ أن يريده = استحال الحُكمُ عليه بإرادته.

فهذا أصلٌ عظيمٌ يجب معرفته، ومَن (٦) أحاط به معرفةً تبيَّنَ له أن كثيرًا ممَّا (٧)


(١) من قوله: «ذلك غير مخالف» إلى هنا سقط من «ح».
(٢) «ب»: «مخبر».
(٣) بعده في «ح» لفظ الجلالة.
(٤) من هنا وقع في «ب» سقطٌ كبير حتى أثناء الفصل الحادي عشر، وسنُنبِّه على انتهائه في محله بإذن الله تعالى.
(٥) «ح»: «لهذا». والمثبت من «م».
(٦) «ح»: «وممن». والمثبت من «م».
(٧) «ح»: «ما». والمثبت من «م».