للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدها: منع كون الرسول جاء بذلك أو قاله.

الدرجة (١) الثانية: منع دلالته على ذلك المعنى، وهذه الدرجة بعد التنزل إلى الاعتراف بكونه قاله.

الدرجة الثالثة: منع كون قوله حجةً في هذه المسائل.

والدرجات الثلاث قد استعملها المعطلة النُّفاة:

فأمَّا الأولى: فاستعملوها في الأحاديث المخالفة لأقوالهم وقواعدهم، ونسبوا رواتها إلى الكذب والغلط والخطأ في السمع، واعتقاد أن كثيرًا منها من كلام الكفار والمشركين كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحكيه عنهم، فربما أدركه الواحد في أثناء كلامه بعد تصديره بالحكاية فيسمع المحكي فيعتقده (٢) قائلًا له، لا حاكيًا، فيقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. كما قاله بعضهم (٣) في حديث قتادة بن النعمان في الاستلقاء (٤).

قال: يحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - حدَّث به عن بعض


(١) «ح»: «بالدرجة».
(٢) «ح»: «فيعقده».
(٣) كأن المصنِّف عنى به البيهقي، فإنه في كتابه «الأسماء والصفات» (٢/ ١٩٩ - ٢٠٠) أعلَّ الحديث بكل ما ذُكر هنا، ونقله مختصرًا ابن الجوزي في «دفع شبه التشبيه» (ص ٣٦ - ٣٧).
(٤) أخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (٥٦٨) وأبو بكر الخلال ـ ومن طريقه أبو يعلى في «إبطال التأويلات» (١٧٩) ـ والطبراني في «الكبير» (١٩/ ١٣) وأبو يعلى في «إبطال التأويلات» (١٨٢) والبيهقي في «الأسماء والصفات» (٢/ ١٩٨) من طريق محمد بن فليح بن سليمان، عن أبيه، عن سعيد بن الحارث، عن عبيد بن حنين، عن قتادة بن النعمان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله عز وجل لما قضى خلقه استلقى ... » الحديث، قال أبو محمد الحسن بن محمد الخلال: «هذا حديث إسناده كلهم ثقات، وهم مع ثقتهم شرط الصحيحين مسلم والبخاري». نقله أبو يعلى في «إبطال التأويلات» (١/ ١٨٩)، وصححه عبدالمغيث الحربي كما في «سير أعلام النبلاء» (٢١/ ١٦٠). واستنكره البيهقي في «الأسماء والصفات» (٢/ ١٩٨) والذهبي في «السير» (٢١/ ١٦٠) وضعفه ابن كثير في «جامع المسانيد» (٧/ ٩١). وقال ابن رجب في «فتح الباري» (٣/ ٤٠٧): «لا أصل لرفعه، وإنما هو متلقًى عن اليهود، ومن قال إنه على شرط الشيخين فقد أخطأ. قال: وعبيد بن حنين قيل إنه لم يسمع من قتادة بن النعمان، قاله البيهقي .. وفليح وإن خرج له البخاري فقد سبق كلام أئمة الحفاظ في تضعيفه، وكان يحيى بن سعيد يقشعر من أحاديثه، وقال أبو زرعة ـ فيما رواه عنه سعيد البرذعي ـ: فليح واهي الحديث، وابنه محمد واهي الحديث». وقد اختلف حكم المصنِّف على هذا الحديث، فقال في «اجتماع الجيوش الإسلامية» (ص ١٢٧): «روى الخلَّال في كتاب «السنة» بإسنادٍ صحيحٍ على شرط البخاري عن قتادة بن النعمان - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لما فرغ الله من خلقه استوى على عرشه». فلم يذكر اللفظ المنكر منه، ولما ذكر الحديث تامًّا في «تهذيب سنن أبي داود» (٧/ ٢٠٩) قال: «هذا الحديث له علتان: إحداهما: انفراد فليح بن سليمان به، وقد قال عباس الدوري: سمعت يحيى بن معين يقول: فليح بن سليمان لا يُحتج بحديثه. وقال في رواية عثمان الدارمي: فليح بن سليمان ضعيف. وقال النسائي: ليس بالقوي. والعلة الثانية: أنه حديث منقطع؛ فإن قتادة بن النعمان مات في خلافة عمر وصلى عليه عمر، وعبيد بن حنين مات سنة خمسٍ ومائة وله خمس وسبعون سنة في قول الواقدي وابن بكير. فتكون روايته عن قتادة بن النعمان منقطعة. والله أعلم».