للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بها أو ينكرها، فإن أقر بها ثم ادعى المعارضة كان قوله في غاية القدح (١) في المرسل والرسول. وإن أنكرها كان الكلام معه في أصل ثبوت الرسالة، واحتج عليه بما يُحتج على منكري النبوات.

وإن أقر بالنبوة على طريقة ملاحدة الفلاسفة ومن سلك سبيلهم [ق ٨٦ أ] أنها مكتسبة، وأن خاصة النبي قوة ينال بها العلم، وقوة يتصرف بها في العالم، وقوة يتصرف فيها في المعقولات فيشكلها في نفسه خيالات تُرى وتُسمع، وهي المسماة بالملائكة، كما يقوله شيوخ هؤلاء كابن سينا وأتباعه، ولم يمكنه أن يجزم بأن النبي عالمٌ بما يقول، معصومٌ عن الخطأ فيه، فكيف وهو يقول: إن النبي قد يقول ما يعلم خلافه = فهو لا يستفيد بخبر النبي حقًّا البتةَ، فكيف يتكلم في المعارضة التي هي فرع الاعتراف بصحة الدليل ولكن قد عارضه غيره (٢).

فيكون مقام هذا مقام منع لا مقام معارضة، فإما أن يمنع كون النبي عالمًا بما يقول، أو كونه جازمًا معصومًا فيه، أو كونه جاء بذلك، أو كونه أراد به خلاف ما دلَّ العقل بزعمه عليه؛ وإلَّا فمع إقراره بذلك تستحيل المعارضة؛ إذ (٣) ترجع حقيقتها إلى أن ما جاء به حقٌّ وأنه باطلٌ، وهذا جمع بين النقيضين. فثبت أن هذه الطريقة طريقة ممانَعة (٤)، لا طريقة معارضة، وأن دعوى المعارض تستلزم الجمع بين النقيضين. فمن لم يعلم أن الرسول


(١) «ح»: «غاية وحالة القدح». والكلمة الثانية زائدة أو محرفة.
(٢) جملة «ولكن قد عارضه غيره» إما أنها مقحمة أو وقع فيها سقط أو تحريف.
(٣) «ح»: «أن». ولعل المثبت هو الصواب.
(٤) «ح»: «مانعة». ولعل المثبت هو الصواب.