للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه لكان أكمل ممَّن لا يقبل صفات الكمال البتة، فالأعمى والأخرس والأصم والعاجز أكمل من الحجر والتراب.

فنزلتم درجة أخرى وشبهتموه بأنقص الناقصات وهو ما لا يقبل الكمال بوجهٍ. فلو أثبتم له صفات الكمال كلها على وجه التشبيه والتمثيل بخلقه لكان خيرًا من تشبيهكم (١) له بأنقص الناقصات من الجمادات التي لا تقبل الكمال. فإن الحيوان الذي يقبل أن يتعاقب عليه العدم والملكة، فيكون تارةً سميعًا وتارةً أصمَّ، أكمل من الجماد الذي لا يقبل هذا ولا هذا، بل الحيوان الموصوف بهذه النقائص مع إمكان اتصافه بهذا الكمال أكمل من الجماد الذي لا يقبل ذلك.

فإذا قلتم: إن الربَّ لا يقبل الاتصاف بصفات الكمال، مع أن المتصف بالنقائص يمكنه الاتصاف بها، جعلتموه أنقص من الحيوانات، وكان من وصفه بهذه النقائص خيرًا منكم، وهم يشنعون بما يحكى عن ضُلَّال اليهود والنصارى أن الله ندم على الطوفان حتى عضَّ إصبعه، وجرى الدم، وبكى على الطوفان حتى رمد وعادته الملائكة، وأمثال ذلك. وهؤلاء مع كفرهم وضلالهم أحسن قولًا فيه ممَّن يقول: إنه لا يقبل الاتصاف بصفات الكمال. بل من جعله يأكل ويشرب وينام ويألم خيرٌ ممَّن جعله بمنزلة الأحجار والجامدات التي لا تقبل هذه الصِّفات. فالمشبهة المحضة خير منكم وأحسن قولًا في ربهم وخالقهم.

وأمَّا خصومكم من أهل السُّنَّة والحديث فهم لا يقولون بتشبيهكم،


(١) «ح»: «تشبهكم».