للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبيان الملازمة أنه [ق ٧٢ أ] إذا اعتقد أن العقل يخالف ظاهرها فقد اعتقد أن ظاهرها باطلٌ ومحالٌ، فإمَّا أن يُقرَّ بلفظها وأن الرَّسول جاء به أو لا، فإن لم يُقِرَّ بذلك فهو مكذبٌ، وإن أقرَّ بألفاظها فإمَّا أن يقرَّ بأنه أراد معانيها وحقائقها أم لا، فإن أقرَّ بذلك لزمه اعتقاد التخييل فيها والخطاب الجمهوري، وإن لم يقرَّ بأنه أراد حقائقها وما دلت عليه فإمَّا أن يقول: إنه أراد خلاف ظواهرها وحقائقها أو لا. فإن قال: أراد خلاف حقائقها وظواهرها، لزم التحريف والتأويل الباطل. وإن قال: لم يرد ذلك، فإمَّا أن يقول: لم يرد بها معنًى أصلًا، بل هي بمنزلة الألفاظ المهملة التي لا معنى لها، أو يقول: أراد بها معنًى لا يفهمه ولا يعرفه. وهذا هو التجهيل.

وقد ذهب إلى كل تقديرٍ من هذه التقادير طائفةٌ من النَّاس، وقد ذمَّ الله سبحانه الجميع. قال تعالى: {* أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اَللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٤) وَإِذَا لَقُوا اُلَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اَللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٧٥) أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اَللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (٧٦) وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ اَلْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (٧٧) فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ اَلْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اِللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة: ٧٤ - ٧٨].

فذمَّ سبحانه وتعالى المُحرِّفين لكتابه، والأُميين الذين لا يعلمون منه إلَّا مجرد التلاوة ـ وهي الأماني ـ والذين يكتبون، فيكتبون الباطل ويقولون: هذا حقٌّ وهو من عند الله. وذمَّ في عدة مواضع الذين يكتمون ما أنزله من الكتاب والبينات والهدى.