للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من لا يُدرى من أي الدوابِّ هو، كشيحة (١) الذي لا ذكر له في شيءٍ من كتب الحديث، ولعل بعض الوضاعين نسبه إلى واحد الشِّيح (٢). والحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وقد سُئل أين الله؟ فقال: «لَا يُقَالُ أَيْنَ لِمَنْ أَيَّنَ الْأَيْنَ» (٣).

فعارض هذا الأحاديث الصحيحة المستفيضة التي نطق فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأين، وأقرَّ على إطلاقها بهذا الحديث [الركيك] (٤) الذي يستحيي من التكلُّم به آحاد الناس، فضلًا عن سيِّد ولد آدم.

وأقبح من هذا معارضة الأحاديث المتواترة ـ التي تزيد على مائتي


(١) «ح»: «كشيخه». بالخاء المعجمة.
(٢) «ح»: «الشيخ». بالخاء المعجمة.
(٣) قال ابن تيمية في «درء تعارض العقل والنقل» (٥/ ٢٢٥): «رواه ابن عساكر فيما أملاه في «نفي الجهة» عن شيحة ـ تصحف في المطبوع إلى: شيخه ـ بن عبد الله العوسجي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «الذي أيَّن الأين فلا يقال له أين». وعارض به حديث ابن إسحاق الذي رواه أبو داود وغيره، الذي قال فيه: «يستشفع بك على الله ويستشفع بالله عليك» وأكثر فيه في القدح في ابن إسحاق مع احتجاجه بحديث أجمع العلماء على أنه من أكذب الحديث، وغاية ما قال فيه: إنه غريب». وقال ابن تيمية في «بيان تلبيس الجهمية» (٣/ ٢٥٨): «وهذا الحديث ممَّا يعلم صبيان أهل الحديث أنه كذبٌ مختلقٌ، وأنه مفترًى، وأنه لم يروه قط عالمٌ من علماء المسلمين المقتدى بهم في الحديث، ولا دونوه في شيءٍ من دواوين الإسلام، ولا يستجيز أهل العلم والعدل منهم أن يورد مثل ذلك إلا على بيان أنه كذب». وقال الذهبي في «تجريد أسماء الصحابة» (١/ ٢٦١): «شيحة العوسجي جاء في خبرٍ موضوعٍ في مجلس لابن عساكر الحافظ». وذكره الإسفراييني في «التبصير» (ص ١٦١) عن عليٍّ موقوفًا. قال ابن تيمية في «الفتاوى الكبرى» (٦/ ٦٣٠): «وهذا من الكذب على علي باتفاق أهل العلم، لا إسناد له».
(٤) «ح»: «الوكيل». ولعل المثبت هو الصواب.