للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المجسم ـ بزعمكم ـ شكرًا لله؛ إذ عافاه الله من مثل هذا البلاء العظيم، وهذا القول أقل وأحقر من أن يتكلف للوجوه التي تدل على بطلانه بأكثر من حكايته (١).

ومن هذا معارضة [ق ١٣٢ أ] غيره لنصوص الاستواء والعلو بقوله: «لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى يُونُسَ بْنِ مَتَّى» (٢). قال قائل (٣): هذا دليلٌ على أن الله ليس فوق العالم ولا مستويًا على العرش. قال: لأن يونس نزل إلى قرار البحر، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - رُفع إلى فوق السماوات، فكانا في القرب من الله على حدٍّ سواء لا يفضل أحدهما على الآخر في القرب منه سبحانه. فلو أن المجسم نزل إلى الأرض السابعة لم يرض لنفسه ولمعرفته ولفهمه عن نبيه بمثل هذا.

ومن هذا معارضة نصوص الاستواء والعلو بقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ٩] فلبسوا على الجهال بإيهامهم أن من أثبت كونه سبحانه فوق سماواته على عرشه فقد جعل له مثلًا.

ومن هذا معارضة بعضهم الأحاديث الصحيحة الصريحة التي تكلم فيها (٤) النبي - صلى الله عليه وسلم - بأين الله؟ وسمع السؤال بأين الله؟ وأقرَّ السائل عليه ولم ينكره. كما كفره هؤلاء، فعارضوها كلها بحديثٍ مكذوبٍ موضوعٍ في إسناده


(١) من العجيب أن الفخر الرازي أُعجب بقول الزمخشري المردود عليه غاية الإعجاب، فقال في «مفاتيح الغيب» (٢٧/ ٤٨٨): «رحم الله صاحب «الكشاف» فلو لم يحصل في كتابه إلا هذه النكتة لكفاه فخرًا وشرفًا».
(٢) تقدم (ص ١٢٤) تخريجه.
(٣) لم أقف عليه.
(٤) بعده في «ح»: «إلى». وهو لفظ زائد.