للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسوله، واحتجَّ على بطلانه. ويكفي العبد خذلانًا وجهلًا وعمًى أن يكون خصمَ ربِّه تبارك وتعالى، ولهذا أخبر تعالى عن هؤلاء المعارضين للكتاب بعقولهم بذلك، قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ اَلْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ} [يس: ٧٦]. ثم ذكَرَ سبحانه مخاصمته لربه فيما ضربه من المثل، قال: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِ اِلْعِظَامَ وَهْيَ رَمِيمٌ} [يس: ٧٧].

وفي «الصحيح» (١) قال: كان المشركون يُخاصِمون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القدَر، فنزلت: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي اِلنّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (٤٨) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: ٤٨ - ٤٩]. فهؤلاء إنما كانت خصومتهم خصومةَ معارضةٍ للوحي بعقولهم وآرائهم، كخصومة مَن خاصم في المعاد، وكذلك مجادلتهم في الله وآياته كذا كانت جدالَ معارضةٍ للوحي بالرأي والعقل، فهؤلاء خُصماء الله حقيقة. وفي الأثر: «يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَلَا لِيَقُمْ خُصَمَاءُ اللهِ. فَيُذْهَبُ بِهِمْ إِلَى النَّارِ» (٢).


(١) (٢٦٥٦) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) أخرج إسحاق بن راهويه وأبو يعلى في «مسنديهما» ـ كما في «إتحاف الخيرة» (٢١٤) و «المطالب العالية» (٢٩٧٩) ـ وابن أبي عاصم في «السنة» (٣٣٦) والطبراني في «الأوسط» (٦٥١٠) عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كان يومُ القيامة نادى منادٍ: ألَا لِيقُمْ خصماءُ الله. وهم القَدَرية». وقال أبو حاتم الرازي: «هذا حديث منكر، وحبيب بن عمر ضعيف الحديث مجهول، لم يرو عنه غير بقية». كما في «العلل» لابنه (٢٨١٠) وقال الدارقطني في «العلل» (١١٥): «هو حديث مضطرب الإسناد». ثم قال: «والحديث غير ثابت». وقال الهيثمي في «المجمع» (٧/ ٢٠٦): «رواه الطبراني في «الأوسط» وفيه محمد بن الفضل بن عطية وهو متروك، ورواه أبو يعلى في «الكبير» باختصار من رواية بقية بن الوليد عن حبيب بن عمرو ـ كذا ـ وبقية مدلس، وحبيب مجهول».