للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فخُصماء الله حقيقةً هم المعارضون لكِتابه، وما بعث به رسلَه، بعقولهم وآرائهم. وإن لم يكن هؤلاء خصماءَ الله فمن هم خصماؤه غيرهم؟!

وقد حكم اللهُ سبحانه بين خصمائه وبين مَن خاصمهم فيه أحسن الحكومة وأعدلها، وهي حكومة يحمده عليها الفريقان، كما يحمده عليها أهل السموات والأرض، فقال تعالى: {* هَذَانِ خَصْمَانِ اِخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَاَلَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمِ اِلْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَاَلْجُلُودُ وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (١٩) كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ اَلْحَرِيقِ} [الحج: ١٩ - ٢٠] [ق ١١٤ أ]، ثم حَكَم لخصومهم الذين خاصموا به وله، فقال: {إِنَّ اَللَّهَ يُدْخِلُ اُلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا اُلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا اَلْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤِا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (٢١) وَهُدُوا إِلَى اَلطَّيِّبِ مِنَ اَلْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ اِلْحَمِيدِ} [الحج: ٢١ - ٢٢].

ولا يستوي مَن خاصم بكتاب الله وحاكم إليه وعوَّل فيما يُثبِته لله وينفيه عليه، ومَن (١) خاصم كتابَ الله، وحاكم إلى منطق يونان، وكلام أرسطو وابن سينا والجهم بن صفوان وشيعتِهم، وعوَّل فيما يُثبِته وينفيه على أقوالهم وآرائهم.

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في استفتاح صلاة الليل: «اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ».


(١) «ح»: «كمن».