للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نصوص الوحي عن إفادتها للعلم واليقين قالوا: إن أظهر الألفاظ لفظ الله، وقد اختلف النَّاس فيه أعظم اختلاف، هل هو مشتقٌّ أم لا؟ وهل هو مشتقٌّ من التَّألُّه (١) أو من الوَله، أو من لَاهَ إذا احتجب (٢)؟

وكذلك اسم الصلاة، وفيه من الاختلاف ما فيه، وهل هو مشتقٌّ من الدعاء، أو من الاتِّباع، أو من تحريك الصَّلَويْنِ؟

فإذا كان هذا في أظهر الأسماء فما الظنُّ بغيره؟!

فتأمَّلْ هذا الوهم والإيهام واللبس والتلبيس، فإن جميع أهل الأرض علمائهم وجُهَّالهم ومَن يعرف الاشتقاق ومَن لا يعرفه وعَرَبهم وعَجَمهم يعلمون أن الله اسم لربِّ العالمين، خالق السماوات والأرض، الذي يحيي ويميت، وهو ربُّ كل شيءٍ ومليكه، فهم لا يختلفون في أن هذا الاسم يُراد به هذا المسمَّى، وهو أظهر عندهم وأعرف وأشهر من كل اسمٍ وُضع لكل مسمًّى، وإن كان الناس متنازعين في اشتقاقه، فليس ذلك بنزاعٍ منهم في معناه.

وكذلك الصلاة لم يتنازعوا في معناها الذي أراده الله ورسوله، وإن اختلفوا في اشتقاقها.

وكذلك قوله: {يَاأَيُّهَا اَلنَّبِيُّ} [الأنفال: ٦٥] لم يتنازعوا في المراد به، وأنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، وإن اختلفوا في اشتقاقه هل هو من النبأ، أو من النبوة، فليس ذلك نزاعًا منهم في مسمَّاه. وكذلك مواضع كثيرة تتنازع


(١) «ح»: «بالتأله». والمثبت من «م».
(٢) ينظر: «تفسير الطبري» (١/ ١٢٢ - ١٢٣) و «التفسير البسيط» للواحدي (١/ ٤٤٤ - ٤٥٥) و «لسان العرب» (١٣/ ٤٦٧ - ٤٧٠) و «تاج العروس» (٣٦/ ٣٢٠ - ٣٢٢).