للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فروع تلك الأصول ولوازمها والبناء الذي ارتفع عليها من أبطل الفروع وأفسد اللوازم وأضعف البناء وأوهاه. وذلك بيِّنٌ لكل ذي عقلٍ سليمٍ وفطرةٍ صحيحةٍ لم تفسد بالتقليد، ولم تَعْمَ بالهوى والتعصب [عن] (١) فساد تلك الأصول ومناقضتها للمعقول والمنقول. وهذا موضع يستدعي عدة أسفار، لكن نذكر منه أدنى تنبيهٍ على طريق الاختصار يكون مُنبِّهًا على ما وراءه (٢).

مثال ذلك: أن المتفلسفة لمَّا أصَّلوا أن الواحد لا يصدر عنه إلَّا واحد، انبنى على ذلك من اللوازم الباطلة في المصدر والصادر ما هو متضمن لأعظم أنواع الباطل.

أمَّا المصدر فإنهم التزموا ألَّا يكون فيه معنيانِ متغايران أصلًا، فنفوا عنه جميع الصِّفات، إذ لو ثبت له صفةٌ وجوديةٌ لم يكن عندهم واحدًا، وقد فرضوه واحدًا من كل وجهٍ، فنفوا علمه وقدرته وحياته وسمعه وبصره وكلامه واختياره ومشيئته، وأن يكون فاعلًا باختياره لشيءٍ من العالم. ونفوا علوَّه على خَلْقه، ومباينته للعالم، واستواءه على عرشه. ولو ثبت له ذلك لكان جسمًا والأجسام مركبة، فلم يكن واحدًا من كل جهة.

ولزمهم من ذلك نفيُ ماهيته وذاته، وأن يقولوا إنه لا ماهيةَ له سوى الوجود المطلق، إمَّا بغير شرطٍ أو بشرط الإطلاق. ومن المعلوم أن المطلق لا وجودَ له في الخارج، ولا سيما إذا أخذ بشرط الإطلاق، فلزمهم من هذا الأصل نفيُ وجود الخالق سبحانه في الخارج، وأن يكون وجوده ذهنيًّا لا خارجيًّا.


(١) سقط من «ح».
(٢) «ح»: «رواه». والمثبت هو الصواب.