للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المخلوقين فقد أصاب. والله سبحانه منزهٌ في جميع ذلك أن يثبت له، وإن نفى عنه شيئًا من ذلك ممَّا هو مختصٌّ به لأجل ما يُظَنُّ مستلزمًا لنقصٍ فذلك لازم له في جميع ما يُوصف به، فإنه سبحانه إنما يُوصف من كل نوعٍ بأكمل (١) ذلك النوع على وجهٍ لا يستلزم نقصًا ولا تمثيلًا.

فصل

يُبيِّن ذلك أن الحبَّ والبغض من لوازم الحياة، فلا يكون حيٌّ إلَّا محبًّا مبغضًا، كما لا يكون حيٌّ إلَّا وله علمٌ وإرادةٌ وفعلٌ، بل حبُّ الله سبحانه لما يحبه، وبغضه لما يبغضه، وإرادته لما يريده، وكراهته = لما يكرهه أكمل الحبِّ والبغض والإرادة والكراهة [ق ١٢١ ب]، كما قال تعالى: {لَمَقْتُ اُللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ} [غافر: ٩]، وقال تعالى: {وَاَللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلًا} [النساء: ٨٣]، وهذا تابعٌ لشدة غضبه ومَقْته. وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اَللَّهَ اَلَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} [فصلت: ١٤]، وكذلك هو أرحم الراحمين، وأحكم الحاكمين، وأعلم العالمين. فهو أكبر في كل صفةٍ من صفاته، كما هو أكبر في جميع صفاته وذاته وأفعاله.

فصل

وقد ذكر أفضلُ متأخِّريهم أدلتهم على امتناع هذه الأمور على الله، وأبطَلَها كلها، فكفانا مؤنتَها؛ ثم اختار لنفسه مَسلكًا هو أبطلُ منها، فقال (٢):

«والمعتمد أن نقول: لو صحَّت اللذةُ على الله تعالى لكان خلقه للملتذِّ


(١) «ح»: «بما كمل». والمثبت هو الصواب.
(٢) الفخر الرازي في «نهاية العقول» (٣/ ٢٢٦ - ٢٢٧).