للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلفظ الجسم (١) والحيز والتركيب وغيرها، وليس لها ذكرٌ في الكتاب والسُّنَّة بنفيٍ ولا إثباتٍ، بل جاء في القرآن والسُّنَّة وصفُه بالمحبة والرِّضى والفرح والضحك، ووصفه بأنه يصبر على ما يُؤذيه، وإن كان العباد لا يبلغون نفعه فينفعونه ولا ضره فيضرونه (٢). والذي نفاه هؤلاء يُدرجون تحته ما وصف به نفسه، وهو إبطالٌ لِمَا جاءت به الرسلُ، ونزلت به الكتبُ، ولِمَا خُلق الخلق لأجله؛ فإن الله سبحانه أرسل رسله، وأنزل كُتبه، ليدعو الخلق إلى ما يُحبُّه ويرضاه، وينهاهم عمَّا يبغضه ويسخطه. وقد أخبر رسوله عنه من محبته ورضاه وفرحه وضحكه وتَبَشْبُشِه (٣) بأوليائه وأحبائه وأهل طاعته، وعن غضبه وسَخَطه وبغضه ومقته وكراهته لأعدائه وأهل مخالفته، ممَّا يضيق هذا المكان عن استقصائه.

وعلى هذا الأصل تنشأ مسألة التحسين والتقبيح، وقد ذكرناها مستوفاةً


(١) «ح»: «الجسيم». والمثبت هو الصواب.
(٢) أخرج مسلم في «صحيحه» (٢٥٧٧) عن أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه -، عن النبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فيما روى عن الله تبارك وتعالى قال: «يا عبادي، إنكم لن تَبلُغُوا ضَرِّي فتَضُرُّوني، ولن تبلغوا نَفْعي فتنفعوني».
(٣) «ح»: «وتسيسه». وهو تصحيف. يشير المصنِّف إلى ما أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (٨١٨٠، ٨٤٦٥، ٨٦٠٣، ٩٩٧٦) وابن ماجه في «سننه» (٨٠٠) وابن خزيمة في «صحيحه» (٣٥٩، ١٤٩١، ١٥٠٣) وابن حبان في «صحيحه» (١٦٠٧) والحاكم في «المستدرك» (١/ ٢١٣) عن أبي هريرة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يتوضأ أحدٌ فيُحسِن وضوءه ويُسبِغه، ثم يأتي المسجدَ لا يريدُ إلا الصلاةَ فيه، إلَّا تبشبش اللهُ به كما يتبشبشُ أهلُ الغائب بطَلْعته». وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه». والبشاشة: طلاقة الوجه، يقال: لقيته فتبشبش بي. «الصحاح» (٣/ ٩٩٦).