للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وكتمان الحقِّ، والتكذيب به، والتصديق بالباطل] (١) فهذه أربعة (٢) مقامات تتضمنها أصولهم، بل هذه الأربعة هي قواعدهم التي يبنون عليها.

أمَّا لبس الحق بالباطل، فأنتم تُسمُّون ما أثبته الله لنفسه من الصِّفات والكلام والعلو والاستواء «تركيبًا وتجسيمًا وتشبيهًا» وتُسمُّون عرشه «حيزًا» واستواءه عليه «تحيزًا»، وتُسمُّون صفاته «أعراضًا» وتنزهونه عنها، وأفعاله «حوادث» وتنفونها عنه، وحكمته «أغراضًا» وتُبطلونها، ووجهه الكريم ويديه «جوارح» وتُنكرونها.

ويُسمُّون نفيهم وتعطيلهم تنزيهًا وتقديسًا وتوحيدًا، فيلتبس الحق بالباطل على من لم يعرف مرادهم من هذا التنزيه والتوحيد والتقديس، ولا من ذلك التجسيم والتشبيه والتمثيل. فإذا وقعوا في هذا اللبس والتلبيس ترتب عليه ضرورة كتمان الحقِّ، والتكذيب به، والتصديق بالباطل. ولهذا جعل سبحانه كل اثنين من هذه الأربعة فريقين.

أمَّا الأولان فقال تعالى: {وَلَا تَلْبِسُوا اُلْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا اُلْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٤١]. وقد اختُلف في قوله: {وَتَكْتُمُوا} هل هو منصوبٌ أو مجزومٌ؟ على قولين مبنيين على الواو، هل هي واو عطف، أو واو صرف (٣).


(١) سقط من «ح»، وأثبتناها من كلام المصنِّف فيما يأتي.
(٢) «ح»: «أربع».
(٣) ينظر: «معاني القرآن» للأخفش (١/ ٧١) و «معاني القرآن» للفراء (١/ ٣٣ - ٣٤) و «تفسير الطبري» (١/ ٦٠٧ - ٦٠٨) و «التفسير البسيط» للواحدي (٢/ ٤٤٢ - ٤٤٤).