للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثَّاني: أنه نبَّههم على أعظم الآيات وأشدها اقتضاءً للإيمان (١)، وأنها في اقتضائها للإيمان أبلغ من الآيات التي تقترحونها، وهي كتابه الذي هو ذِكْره وما تضمَّنه من الحقِّ الذي تطمئنُّ إليه القلوب وتَسكُن إليه النفوس. ولو كان باطلًا لم يزد القلوب إلَّا شكًّا وريبًا، فإن الكذب ريبةٌ، والصدق طُمأنينةٌ. فلو كانت كلماته وألفاظه لا تُفيد اليقين بمدلولها لم تطمئنَّ به القلوب، فإن الطمأنينة هي سكون القلب إلى الشيء ووثوقه به، وهذا لا يكون إلَّا مع اليقين، بل هو اليقين بعينه.

ولهذا تجد قلوب أصحاب الأدلة السمعية مطمئنة بالإيمان بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله وملائكته واليوم الآخر، لا يضطربون في ذلك، ولا يتنازعون فيه، ولا يَعرِض لهم الشك عند الموت، ولا يشهدون على أنفسهم ويشهدون على غيرهم بالحَيْرة والوقوف والشك. فيكفي في صحة مدلول (٢) الأدلة اللفظية وبطلان (٣) مدلول الشُّبه العقلية التي تخالفها هذا القدرُ وحده، فمتى رأيت أصحاب الأدلة السمعية يقول أحدهم عند الموت (٤):

نِهَايَةُ إِقْدَامِ العُقُولِ عِقَالُ

أو يقول (٥):

لَعَمْرِي لَقَدْ طُفْتُ المَعَاهِدَ كُلَّهَا


(١) «ح»: «الإيمان». والمثبت هو الصواب، كما هو في العبارة التالية.
(٢) «ح»: «مدلولها». والصواب ما أثبته.
(٣) «ح»: «بطلانها». والصواب ما أثبته.
(٤) صدر بيت أنشده الفخر الرازي في أبيات، وتقدَّم تخريجها (ص ١٧).
(٥) صدر بيت أنشده الشهرستاني هو وبيت آخر، وتقدم تخريجهما (ص ١٦).