للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من جحد صفات كماله ونعوت جلاله.

وقد وصف سبحانه نفسه بأنه العلي العظيم، وحقيقة قول المعطلة النُّفاة أنه ليس بعليٍّ ولا عظيمٍ؛ فإنهم يردُّون علوه وعظمته إلى مجرد أمرٍ معنويٍّ، كما يقال: الذهب أعلى وأعظم من الفضة، والبُرُّ أعلى وأعظم من الشعير. وقد صرَّحوا بذلك فقالوا: معناه عليُّ القدر، وعظيم القدر.

قال شيخنا (١): «فيقال لهم: أتريدون أنه في نفسه عليُّ الذات عظيم القدر، وأن له في نفسه قدرًا عظيمًا، أم تريدون أن عظمته وقدره في النفوس فقط؟

فإن أردتم الأول فهو الحقُّ الذي دلَّ عليه الكتاب والسُّنَّة والعقل. فإذا كان في نفسه عظيم القدر فهو في قلوب الخلق كذلك، ومع ذلك فلا يُحصي أحد (٢) ثناءً عليه، بل هو كما أثنى على نفسه، ولا يقدر أحدٌ قدره، ولا يعلم عظم قدره إلَّا هو. وتلك صفة يمتاز بها ويختص بها عن خلقه؛ إذ هي (٣) من لوازم ماهيته وذاته التي اختص بها عن خلقه، كما قال الإمام أحمد لما قالت الجهمية إنه في المخلوقات: «نحن نعلم مخلوقاتٍ كثيرةً ليس فيها من عظم الربِّ شيء» (٤).

وإن أعدتم (٥) ذلك إلى مجرد تعظيم القلوب له من غير أن يكون هناك


(١) لم أقف على نص هذا الكلام في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية.
(٢) «ح»: «أحدا». والمثبت من «م».
(٣) «ح»: «هو».
(٤) «الرد على الجهمية والزنادقة» (ص ١٤٤).
(٥) «م»: «أضفتم».