للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صفات ثبوتية وقدر عظيم يختص به، فذاك اعتقادٌ لا حقيقة له، وصاحبه قد عظَّمه بأن اعتقد فيه عظمة (١) لا حقيقة لها، وذلك يضاهي اعتقاد المشركين في آلهتهم.

وإن قالوا: بل نريد (٢) معنًى ثالثًا لا هذا ولا هذا، وهو أن له في نفسه قدرًا يستحقه لكنه قدرٌ معنوي.

قيل لهم: أتريدون أن له حقيقةً عظيمةً يختص بها عن غيره، وصفات عظيمة يتميز بها، وذاتًا عظيمة تمتاز عن الذوات، وماهية عظيمة أعظم من كل ماهية، ونحو ذلك من المعاني المعقولة؛ فذلك أمرٌ وجوديٌّ محقَّقٌ. وإذا أُضيف ذلك إلى الربِّ كان بحسب ما يليق به، ولا يشركه فيه المخلوق، كما أنه إذا أُضيف إلى المخلوق كان بحسب ما يليق به، ولا يشركه فيه الخالق. فهو في حقِّ الخالق تعالى قدرٌ يليق بعظمته وجلاله، وفي حقِّ المخلوق قدر يناسبه، كما قال تعالى: {قَد جَّعَلَ اَللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: ٣] فما من مخلوقٍ إلَّا وقد جعل الله له قدرًا يخصُّه.

والقدر يكون علميًّا ويكون عينيًّا، فالأول هو التقدير العلمي، وهو تقدير الشيء في العلم واللفظ والكتاب (٣)، كما يقدر العبد في نفسه ما يريد أن يقوله ويكتبه ويفعله، فيجعل له قدرًا. ومن هذا تقدير الله سبحانه لمقادير الخلائق في علمه وكتابه قبل تكوينها، ثم كوَّنها على ذلك القدر الذي علمه وكتبه.


(١) «ح»: «عظيمة». والمثبت من «م».
(٢) «ح»: «يزيد». تصحيف، والمثبت من «م».
(٣) «ح»: «وللكتاب». والمثبت من «م».