للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعده والتَّابعين لهم بإحسان، لا يختلف منهم في هذا الباب اثنان (١)، ولا يوجد عنهم فيه قولان متنافيان. بل قد تتابعوا كلهم على إثبات الصِّفات، وعلو الله على خلقه، واستوائه على عرشه، وإثبات تكلمه وتكليمه وسائر ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله كتتابع الأسنان. وقالوا للأُمة: هذا عهد نبينا إلينا، وهو عهدنا إليكم، وإلى مَن بعدكم إلى آخر الزمان، وهذا هو الذي نادى به المنادي، وأذَّن به على رءوس الملأ في السِّر والإعلان، فحيَّ

على الصلاة وراء هذا الإمام يا أهل الإيمان، وحيَّ على الفلاح بمتابعته يا أهل القرآن، والصلاة خير من النوم في ظلمة ليلِ الشكوك والإفك والكفران. فلا تصح القدوة بمن أقر على نفسه ـ وصدَّقه المؤمنون ـ بأنه تائهٌ في بيداء الآراء والمذاهب حيران، وأنه لم يصل إلى اليقين بشيءٍ منها، لا هو ولا مَن قبله من أمثاله على تطاول الأزمان، وأن غاية ما وصلوا إليه الشك والتشكيك والحيرة ولقلقة اللسان (٢).

فالحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى، وخصَّهم بكمال العقول، وصحة الفِطَر، ونور البرهان، وجعلهم هداةً مهتدين، مستبصرين مبصرين، أئمة للمتقين، يهدون بأمره، ويبصرون بنوره، ويدعون إلى داره، ويحاربون (٣) كل مُفتَّنٍ فتَّان (٤)، فحيَّ على خير العمل بمتابعة المبعوث


(١) «ح»: «إثبات». والمثبت من «م».
(٢) اللقلق: اللسان، واللقلقة: صوته، وكل صوت في اضطراب، أو شدة الصوت. «القاموس المحيط» (ص ٩٢٢).
(٣) «م»: «يجادلون».
(٤) الفتنة: الضلال والإثم، والمفتن: المفتون، والفاتن: المضل عن الحق. «لسان العرب» (١٣/ ٣١٨).