للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليها وطلبت منهم البرهان على صحتها، قالوا (١): هكذا قال العقلاء أرباب المعقولات. وسلفهم ليسوا فيها على بصيرةٍ، بل على خَرْصٍ وحَدْسٍ وتخمينٍ، فالسلف خرَّاصون، والخلف عُميٌ مقلدون.

وإذا تأملها اللبيب العاقل الفطن وجدها مبنيةً على ألفاظٍ مجملةٍ ومعاني مشتبهة، متى استفسرتهم عن معانيها وفصَّلت مجملها تجدها دعاوى كاذبة، تتضمن الجمع بين المختلفات، والتفريق بين المتماثلات:

فيجمعون بين الشيئين اللذين هما في غاية التباين لاشتراكهما في بعض الصِّفات، ويفرقون بين المثلينِ من كل وجهٍ بالدعاوى الكاذبات.

ويثبتون الشيء وينفون لازمه، وينفون الشيء ويثبتون ملزومه.

ويقدحون في الضروريات بالقضايا الوهميات.

ويجعلون الذهني خارجًا، ويصفون الوجود الخارجي بما ينافي وجوده، وواجب الوجود بما يجعله ممتنع الوجود.

ويجردون الماهية عن صفاتها التي لا تحقق إلَّا بها، ثم يجعلون الصفة هي الذات.

ويجعلون العاقل والمعقول والعقل شيئًا واحدًا.

ويجعلون العلم هو نفس المعلوم، والفعل هو عين المفعول.

وواجب الوجود الذي يمتنع عدمه هو الوجود المطلق بشرط الإطلاق أو بغير شرط الذي يمتنع وجوده (٢).


(١) «ح»: «قال».
(٢) كذا في «ح» والعبارة مختلة، والذي في «درء التعارض» (٥/ ٣١٣): «وهذا يقول: وجوده وجود مطلق: إما بشرط الإطلاق، وإما مطلقًا لا بشرط، وإما بشرط سلب جميع الأمور الثبوتية عنه، وهذا يمتنع ثبوته في الموجودات».