للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى أضعاف أضعاف ذلك من مقالاتهم التي هي عند من فهمها وعرف مضمونها (١) ضحكةٌ للعاقل تارةً، وأعجوبةٌ له تارةً، ومغضبةٌ له تارةً.

ومثل هذه المعقولات لو (٢) تصرف بها الرجل في تجارة أو صناعة من الصناعات لأفسد التجارة والصناعة، فكيف يتصرف بها في الأمور الإلهية وفي صفات ربِّ البرية، ثم يعارض بها كلام الله الذي بعث به رسله، وأنزل به كتبه؟!

وإنما عظمت الشبهة بذلك بأن أقوامًا لهم نوع ذكاءٍ تميزوا (٣) به في أنواع من العلوم، ولم تكن لهم خبرة بالأمور الإلهية كخبرتهم بتلك العلوم، فخاضوا فيها بعقولهم، وظنُّوا أنهم يبرزون فيها كما برزوا في تلك العلوم، وظنَّ المقلدون لهم ذلك أيضًا، فرُكِّب من ظنِّهم وظنِّ مقلَّدهم اعتقادها والدعوة إليها، وإساءةُ الظن بما خالفها. ثم إنهم رأوا النصوص واقفة في طريقها، فقاموا لها وقعدوا، وجدوا في دفعها واجتهدوا، فتارةً سطوا عليها بالتأويل، وتارة نسبوا من تكلم بها إلى قصد التخييل، ودفعوا بجهدهم في الصدور منها والأعجاز، وقالوا: لا مقام لك عندنا ولا عبور لك علينا، وإن كان لا بد فعلى سبيل المجاز!


(١) «ح»: «ستمونها». ولعل المثبت هو الصواب، والذي في «درء التعارض» (٥/ ٣١٤): «حقيقة قول أصحابها».
(٢) «ح»: «لم». والمثبت من «درء التعارض» (٥/ ٣١٤).
(٣) «ح»: «تميزون». والمثبت من «درء التعارض» (٥/ ٣١٤).