للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتارةً قالوا: هذه أخبار آحاد، والمسألة [ق ٨٩ أ] من المسائل العلمية.

وإن كان قرآنًا أو خبرًا متواترًا قالوا: تلك أدلة لفظية معزولة عن إفادة العلم واليقين، وغايتها إفادة الظن والتخمين.

وإن أعجزهم ذلك أو طال عليهم طريقه لجؤوا إلى القانون المجتث لقواعد الإيمان، الكفيل بالإلحاد والكذب والبهتان، الذي جعلوه أصلًا لتقديم آرائهم الباطلة على السُّنَّة والقرآن، وقالوا: قد تعارض العقل والنقل ولا سبيل إلى الجمع، وتقديمُ النقل قدحٌ في العقل، فتعيَّن تقديم العقل بهذا البرهان.

والمقصود أنك إذا حققت الأمر على هؤلاء المعارضين لم يكن عندهم إلَّا الرجوع إلى تقليد أسلافهم الماضين، وقولهم: هذه أمور عقلية قد صقلتها الأذهان منذ دهر وزمان.

وإذا دعوتهم إلى كتاب الله وسُنَّة رسوله دعوك إلى قول أرسطو عابد الأوثان، وإلى ما أصَّله من منطق اليونان. وإن أحسنوا دعوك إلى أصول جهم بن صفوان، وقول الجعد بن درهم معلِّم مروان، الذي ضحَّى به خالد بن عبد الله القسري يوم ذبائح القربان. وإن زادوا في الإحسان دعوك إلى قول أبي الهذيل العلَّاف و [أبي] (١) يعقوب الشحَّام وإبراهيم النظَّام وأبي علي وأبي هاشم الجبائيان (٢)، فإنهم تلقوا كلمات هؤلاء يدرسونها لا كدرس القرآن، ويحاربون بها أهل العلم والإيمان، ويحرفون بها التنزيل


(١) سقط من «ح»، وتقدم (ص ٤٦٤) ذكر أبي يعقوب الشحام.
(٢) كذا في «ح» في موضع «الجبائيين».