للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقواعدهم، فمن أطاعهم في بعض أمرهم كان من الذين قال الله عز وجل فيهم: {إِنَّ اَلَّذِينَ اَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ اُلْهُدَى اَلشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأُمْلِيَ لَهُمْ (٢٦) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اَللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ اِلْأَمْرِ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ أَسْرَارَهُمْ} [محمد: ٢٦ - ٢٧]. ولهذا تجد هؤلاء المبطِلين إنما يصولون على مَن وافقهم في بعض باطلهم، فيعلِّقون له برهانًا يطالبونه.

وأمَّا أتباع الرسل المصدِّقون لهم في كل ما جاؤوا به المُثبِتون لحقائقه ـ لست أعني المُقرِّين بمجرد ألفاظه مع اعتقادهم فيها التخييل أوالتحريف والتأويل أو التجهيل ـ فليس للمبطِلين عليهم سبيلٌ البتةَ، لكن بالافتراء (١) والتلبيس والكذب والألقاب الذين هم أحقُّ بها وأهلها دونهم، وما رتبوا على ذلك من الأذى الذي يبلغونه منهم، وذلك ممَّا يحقق ميراثهم من إمامهم ومتبوعهم الذي أُوذِيَ في الله هو وأصحابه، وقال له وَرَقَةُ بنُ نَوْفَل: «لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ» (٢). فكل مَن دعا إلى نفس ما جاء به الرسولُ فهو من أتباعه، فلا بد أن يناله من الأذى من أتباع الشيطان بحسَب حاله وحالهم، والله المستعان.

والمقصود أن المبطِلين لا سبيلَ لهم على أتباع الرسول البتةَ. قال تعالى: {وَلَن يَجْعَلَ اَللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: ١٤٠]. قيل: بالحُجة والبرهان، فإن حُجتهم داحضة عند ربهم.

وقيل: هذا في الآخرة، وأمَّا في الدنيا فقد يتسلطون عليهم بالضرر لهم والأذى.


(١) «ح»: «بالإقراء». ولعل المثبت هو الصواب.
(٢) أخرجه البخاري (٣) ومسلم (١٦٠) عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -.