للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعض الجمادات وبعض أنواع الحيوانات بمثل نُطق بني آدم، فلم يَستَرِبْ سامع ذلك النطقِ في حصول العلم واليقين به؛ بل كان ذلك عنده من أعظم العلوم الضرورية.

فقالت النملة لأُمة النمل: {يَاأَيُّهَا اَلنَّمْلُ اُدْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} [النمل: ١٨] فلم يشكَّ النمل ولا سليمان في مرادها وفهموه يقينًا، ولما علم سليمان مرادها يقينًا تبسَّم ضاحكًا منه، وخاطَبَ الهدهدَ وخاطبه الهدهدُ، فحصل للهدهد العلم اليقينيُّ بمراد سليمان من كلامه، وحصل لسليمان ذلك من كلام الهدهد، وذهب الهدهد بكتاب (١) سليمان لَمَّا حصل له اليقين من كلامه، وأرسل سليمان الهدهد والكتاب وفَعَلَ ما حكى الله لمَّا حصل له اليقين بمراد الهدهد من كلامه.

وأنطق سبحانه الجبال بالتسبيح مع داود، وعلَّم سليمان مَنطِقَ الطير، وأسمع الصَّحابةَ تسبيح الطعام مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢)، وأسمع رسوله تسليم (٣) الحَجَر عليه (٤).

أفيقول مؤمنٌ أو عاقلٌ: إن اليقين لم يكن يحصل للسامع بشيءٍ من مدلول هذا الكلام؟! فعُلِمَ أن هذا القول في غاية السفسطة وجَحْد الحقائق وقلبها وإفساد العقول والفطر.


(١) «ح»: «وكتاب». والمثبت من «م».
(٢) أخرجه البخاري (٣٥٧٩) عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.
(٣) «ح»: «تسبيح». والمثبت من «م».
(٤) أخرجه مسلم (٢٢٧٧) عن جابر بن سمرة - رضي الله عنه -.