للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الواصلين، وبرهانه المبين الذي من استضاء به كان من المهتدين. فمن وافق مبطلًا على شيءٍ من باطله جرَّه بما وافقه منه إلى بقية (١) باطله.

وقد ضرب بعض أهل العلم لذلك مثلًا مطابقًا فقال: مثل الحق مثل طريق مستقيم واسع، وعلى جنبيه قُطَّاع ولصوص، وعندهم خواطئ (٢) قد ألبسوهنَّ (٣) الحلي والحلل وزينوهن للناظرين. فيمر الرَّجل بالطريق فيتعرَّضْن له، فإن التفت إليهن طمعن في حديثه، فألقين إليه الكلام، فإن راجعهن وأجابهن دعينه (٤) إلى الذبح، فإذا دخل عرين الموت صار في قبضتهن أسيرًا أو قتيلًا! فكيف يُحارب قومًا مَن هو أسير في قبضتهم قتيل سلاحهم، بل يصير هذا عونًا من أعوانهم، قاطعًا من قطاع الطريق. ولا يعرف حقيقة هذا المثل إلَّا من عرف الطريق المستقيم وقُطَّاع الطريق ومكرهم وحيلهم. وبالله التوفيق، وهو المستعان.

وقد نصب الله سبحانه الجسر الذي يمر الناس عليه (٥) إلى الجنة، ونصب بجانبيه كلاليب (٦) تخطف الناس بأعمالهم، فهكذا كلاليب الباطل من تشبيهات الضلال وشهوات الغي، تمنع صاحبها من الاستقامة على طريق الحق وسلوكه، والمعصوم من عصمه الله.


(١) «ح»: «نفيه».
(٢) الخاطية: المرأة الفاجرة، العاهرة. «تكملة المعاجم العربية» (٤/ ١٢٩).
(٣) «ح»: «ألبسوهم».
(٤) كذا في «ح»، والصواب: «دَعَونه».
(٥) «عليه» ليس في «ح».
(٦) الكلاليب: الخطاطيف، واحدها كَلوب. «مشارق الأنوار» (١/ ٣٤٠).