للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الشياطين، فهي زينة الظاهر والباطن.

وقال تعالى: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ اُلْقُوى (٥) ذُو مِرَّةٍ} [النجم: ٥ - ٦] وهو جبريل عليه الصلاة والسلام. والِمرِّة: المنظر البهي الجميل (١)، فأعطاه كمال القوة في باطنه، وجمال المنظر في ظاهره.

وهذان الكمالان هما اللذان أرتهما امرأةُ العزيز النسوةَ اللاتي لُمْنَها في محبة يوسف، فإنها أجلستهن في البيت {وَقَالَتِ اِخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَا لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ} [يوسف: ٣١] فأخبرتهن أن باطنه أحسن وأجمل فقالت: {فَذَلِكُنَّ اَلَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاَسْتَعْصَمَ} [يوسف: ٣٢] فأرتهن جماله الظاهر، وأخبرتهن بجماله الباطن.

والمقصود أن أهل السُّنَّة يثبتون لله سبحانه العلو الذاتي والمعنوي، والعظمة الذاتية والمعنوية، والجمال والجلال الذاتي والمعنوي. ومن هذا قول المسلمين: «الله أكبر»، فإنه أفعل تفضيل يقتضي كونه أكبرَ من كل شيءٍ بجميع الاعتبارات. وبهذا فسَّره النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه أحمد (٢) والترمذي (٣) وابن حِبَّان في «صحيحه» (٤) من حديث عديِّ بن حاتم في قصة


(١) روي عن ابن عباس: {ذُو مِرَّةٍ} أي: ذو منظرٍ حسنٍ. وقال قتادة: ذو خَلْقٍ طويلٍ حسنٍ. والمشهور عند المفسرين أن المرة: القوة. ينظر: «تفسير الطبري» (٢٢/ ١١) و «الكشف والبيان» للثعلبي (٢٥/ ٧٧ - ٧٩) و «التفسير البسيط» للواحدي (٢١/ ١٩٩).
(٢) «المسند» (١٩٦٩١).
(٣) «الجامع» (٣٠٩٥) وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
(٤) «الإحسان» (٦٦٧٩). والحديث أخرجه الحاكم في «المستدرك» (٤/ ٥٦٤). وأصل الحديث في البخاري (٣٥٩٥) دون موضع الشاهد منه.