للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليَّ. قال: فأدخلتُه عليه. قال: فقال: يا بشرُ، ادْنُهْ، ويلك يا بشر ادنه. مرتين أو ثلاثًا، فلم يزل يُدنيه حتى قرب منه. قال: ويلك يا بشر، مَن تعبد؟ وأين ربك؟ قال: فقال: وما ذاك يا أبا الحسن؟ قال: أُخبرت عنك أنك تقول: إن القرآن مخلوق، وإن الله معك في الأرض، مع كلامٍ كثيرٍ ـ ولم أر شيئًا أشد على أبي مِن قول القرآن مخلوق، وإن الله معه في الأرض ـ فقال: يا أبا الحسن، لم أجئ لهذا، وإنما جئتُ في كتاب خالد لتقرأه عليَّ. فقال له: ولا كرامةَ، حتى أعلم ما أنت عليه، أين ربك؟ ويلك! قال: أو تعفيني؟ قال: ما كنت لأُعفيك. قال: أما إذا أبيتَ فإن ربي نورٌ في نورٍ. قال: فجعل يزحف إليه ويقول: ويحكم اقتلوه؛ فإنه واللهِ زنديقٌ، وقد كلمتُ هذا الصنف بخراسان (١)».

وذكر فيه أيضًا (٢) عن أبي يوسف القاضي أنه قال لبشر المريسي: «طلبُ العلم بالكلام هو الجهل، والجهلُ بالكلام هو العلم، وإذا صار رأسًا في الكلام قيل: زنديق، أو يُرمى بالزندقة. يا بشر، بلَغَني أنك تتكلم في القرآن، إنْ أقررت أن لله عِلمًا خُصمت، وإن جحدتَ العلم كفرتَ».

وذكر عبد الله بن أحمد (٣) وابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن مهدي أنه قال: «ليس في أصحاب الأهواء أشر من أصحاب جهم، يريدون أن


(١) قال ابن تيمية في «بيان تلبيس الجهمية» (٥/ ٤٩٦): «والصنف الذي أشار إليهم علي بن عاصم محتمل أنهم من أتباع المجوس القائلين بالأصلين النور والظلمة وأنهما امتزجا واختلطا؛ فإنهم لا يثبتون فوق العالم شيئًا كما تقول الجهمية».
(٢) «تاريخ بغداد» (٧/ ٥٣٨).
(٣) كتاب «السنة» (١٤٧).