للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكيف بمن له الكمال المطلق الواجب السرمد، وهو لم يستفدْه من غيره، وهو أعلم بكماله وكل ما سواه.

الثاني: قولك: الملاءمة لا تتقرَّر إلَّا بين اثنين. جوابه: أن مثل هذا يكون في الذات الواحدة باعتبارين، كما قال تعالى: {وَنَهَى اَلنَّفْسَ عَنِ اِلْهَوى} [النازعات:٣٩]، وقال: {إِنَّ اَلنَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّو} [يوسف: ٥٣] وقال آدم: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا} [الأعراف: ٢٢]. فالنفس واحدةٌ، وهي الناهية المنهية، والأمارة المأمورة، والظالمة المظلومة، كما تكون هي العاقلة المعقولة. والإنسان يحب نفسه، فيكون هو المحِبَّ المحبوبَ، فإذا كان هذا أمرًا معقولًا في المخلوق غير ممتنعٍ؛ فكيف يمتنع في حقِّ الخالق؟

الثالث: أنه سبحانه يحب صفاته، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ» (١). وقال: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ» (٢). و «إِنَّ اللهَ نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ» (٣) ...........................................................


(١) أخرجه الإمام أحمد (٢٦٠٢١) والترمذي (٣٥١٣) والنسائي في «السنن الكبرى» (٧٦٦٥، ١٠٦٤٢، ١٠٦٤٣) وابن ماجه (٣٨٥٠) والحاكم (١/ ٥٣٠) عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -. وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح». وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه». وصحح إسناده ابن حجر في «نتائج الأفكار» (٥/ ١٨٨).
(٢) أخرجه مسلم (٩١) عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.
(٣) أخرجه الترمذي (٢٧٩٩) والبزار (١١١٤) وأبو يعلى (٧٩٠، ٧٩١) وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (١١٨٦) عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -. وقال الترمذي: «هذا حديثٌ غريبٌ، وخالد بن إلياس يُضعَّف». وقال البزار: «وهذا الحديث لا نعلم يروى عن سعد إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد». وقال ابن الجوزي: «هذا حديث لا يصح». وقال ابن رجب في «جامع العلوم والحكم» (١/ ٢٥٨): «وفي إسناده مقال».