للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يرجع على أصل النص بالإبطال من وجهٍ آخر، فإنه أتى فيه بـ «أي» الشرطية التي هي من أدوات العموم، وأكَّدها بـ «ما» المقتضية تأكيدَ العموم (١)، وأتى بالنكرة في سياق الشرط، وهي تقتضي العموم، وعلَّق بطلان النكاح بالوصف المناسب له المقتضي لوجود الحكم بوجوده، وهو نكاحها نفسها، ونبَّهَ على العلة المقتضية للبطلان، وهي افتياتها على وليها، وأكد الحُكم بالبطلان مرةً بعد مرةٍ ثلاثَ مرات، فحملُه على صورة لا تقع في العالَم إلَّا نادرًا يرجع على مقصود النص بالإبطال (٢). وأنت إذا تأملتَ عامة تأويلات الجهمية رأيتَها من هذا الجنس بل أشنع.

الثامن: تأويل اللفظ الذي له معنًى ظاهر لا يُفهَم منه عند إطلاقه سواه بالمعنى الخفي الذي لا يطَّلع عليه إلَّا أفراد من أهل النظر والكلام، كتأويل لفظ الأحد الذي تفهمه الخاصةُ والعامة بالذات المجردة عن الصِّفات التي لا يكون فيها معنيان (٣) بوجهٍ ما، فإن هذا لو أمكن ثبوتُه في الخارج لم يُعرَف إلَّا بعد مقدمات طويلة صعبة (٤) جدًّا، فكيف وهو محال في الخارج، وإنَّما يفرضه الذهن فرضًا، ثم يستدل على وجوده الخارجي! فيستحيل وضعُ اللفظ المشهور عند كل أحدٍ لهذا المعنى الذي هو في غاية الخفاء، وستمرُّ بك نظائرُه إن شاء الله تعالى.

التاسع: التأويل الذي يُوجِب تعطيل المعنى الذي هو في غاية العلوِّ


(١) «وأكدها بما المقتضية تأكيد العموم». سقط من «ح».
(٢) «ب»: «بالبطلان».
(٣) في النسختين: «معنيين». والمثبت من «م».
(٤) «ب»: «ضعيفة».