للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استُغضب ولم يغضب فهو حمارٌ» (١). وهذا يدل على موت القلب وبطلان الحسِّ وفَقْدِ الحياة.

ولهذا كان أكمل الناس حياةً أشدهم حياءً. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد حياءً من العذراء في خدرها (٢) لكمال حياة قلبه. والله سبحانه الحي القيوم، وقد وصف نفسه بالحياء ووصفه رسوله، فهو الحيي الكريم كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا (٣)» (٤).

وقالت أم سُلَيم: «يا رسول الله، إن الله لا يستحيي من


(١) أخرجه الآجري في «جزء فيه حكايات عن الشافعي» (٢٧) وأبو نعيم في «الحلية» (٩/ ١٤٣) والبيهقي في «مناقب الشافعي» (٢/ ٢٠٢) وفي «شعب الإيمان» (٨٧٣٤) وابن عساكر في «تاريخه» (٥١/ ٤١٤) وفيه: «شيطان» بدل «جبار»، وذكره بلفظ المصنِّف الراغب في «محاضرات الأدباء» (١/ ٢٧٨) والوطواط في «غرر الخصائص» (ص ٤٩٥).
(٢) أخرجه البخاري (٣٥٦٢) ومسلم (٢٣٢٠) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.
(٣) أي: خاليتين. «فيض القدير» (٢/ ٢٢٩).
(٤) أخرجه الإمام أحمد (٢٤٢١٢) وأبو داود (١٤٨٨) والترمذي (٣٥٥٦) وابن ماجه (٣٨٦٥) وابن حبان (٨٧٦) والحاكم (١/ ٤٩٧، ٥٣٥) والبيهقي في «السنن الكبرى» (٢/ ٢١١) عن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - مرفوعًا. وقال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب، ورواه بعضهم ولم يرفعه». وقال الحاكم في الموضع الثاني: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه». وجوَّد إسناده ابن حجر في «فتح الباري» (١١/ ١٤٣). والموقوف أخرجه الإمام أحمد في «المسند» (٢٤٢١١) ووكيع في «الزهد» (٥٠٤) وهناد في «الزهد» (١٣٦١) والحاكم في «المستدرك» (١/ ٤٩٧) وقال الحاكم: «هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين».

وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم -، منهم أنس بن مالك وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عمر - رضي الله عنهم -، ينظر «تخريج أحاديث الكشاف» للزيلعي (١/ ٥٥ - ٥٧). وقال الذهبي في «العرش» (٢/ ٦٦): «وهذا حديث صحيح، رواه جماعة من الصحابة، علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر، وسلمان الفارسي، وأنس بن مالك، وغيرهم».