للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نائبٍ من نوابه قدَّموا العقل على النقل.

قال محمد بن عبد الكريم الشهرستاني في كتابه «الملل والنحل» (١): «اعلم أن أول شُبهةٍ وقعت في الخلق شُبهة إبليس، ومصدرها استبداده بالرأي في مقابلة النصِّ، واختياره الهوى في معارضة الأمر (٢)، واستكباره بالمادة التي خُلق منها، وهي النار على مادة آدم، وهي الطين. وتشعبت عن هذه الشُّبهة سبع شبهاتٍ، حتى صارت مذاهب بدعةٍ وضلالةٍ. وتلك الشُّبهات مسطورةٌ في شرح الأناجيل الأربعة، ومذكورة في التوراة متفرقة على شكل مناظرةٍ (٣) بينه وبين الملائكة بعد الأمر بالسجود والامتناع منه.

قال كما نُقل عنه: إني سلَّمت أن الباري إلهي وإله الخلق عالمٌ قادرٌ ولا تسأل (٤) عن قدرته ومشيئته، وأنه إذا أراد شيئًا قال له: كن، فيكون. وهو حكيمٌ، إلَّا أنه تتوجه على مساق حكمته أسولة سبعة:

أولها: قد علم قبل خلقي أي شيءٍ يصدُر عنِّي ويحصل، فلم خلقني أولًا؟ وما الحكمة في خلقه إيَّاي؟

الثاني: إذ خلقني على مقتضى إرادته ومشيئته فَلِمَ كلفني بمعرفته (٥) وطاعته؟ وما الحكمة في التكليف بعد ألَّا ينتفع بطاعة ولا يتضرر بمعصة؟

والثالث: إذ خلقني وكلَّفني فالتزمت تكليفه بالمعرفة والطاعة فعرفت


(١) (١/ ٢٣ - ٢٨) باختلاف يسير.
(٢) «م»: «الرأي». والمثبت من «الملل والنحل».
(٣) «الملل والنحل»: «مناظرات».
(٤) «الملل والنحل»: «يُسأل».
(٥) «م»: «لمعرفته». والمثبت من «الملل والنحل».