للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتنازعوا في تأويل الكلالة (١).

وفي تأويل قوله تعالى: {فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ اِلسُّدُسُ} (٢) [النساء: ١١].

وأمثال ذلك.

ولم يتنازعوا في تأويل آيات الصِّفات وأخبارها في موضعٍ واحدٍ، بل اتفقتْ كلمتُهم وكلمة التابعين بعدهم على إقرارها وإمرارها، مع فهم معانيها وإثبات حقائقها. وهذا يدل على أنها أعظم النوعين بيانًا، وأن العناية ببيانها أهمُّ؛ لأنها من تمام تحقيق الشهادتين، وإثباتها من لوازم التوحيد، فبيَّنها الله ورسوله بيانًا شافيًا (٣) لا يقع فيه لبسٌ ولا إشكالٌ يوقع الراسخين في العلم في منازعةٍ ولا اشتباهٍ.

ومَن شرَح الله لها صدره ونوَّر لها قلبه يعلم أن دلالتها على معانيها أظهرُ من دلالة كثير من آيات الأحكام على معانيها. ولهذا آيات الأحكام لا يكاد يفهم معانيَها إلَّا الخاصةُ من الناس، وأمَّا آيات الأسماء والصفات فيشترك


(١) الكلالة: من قولك: تكلَّله النسب. وهو مَن مات ولم يكن له والد ولا ولدٌ، ورُوي عن ابن عباس أن الكلالة ما دون الولد، وروي عن غيره أن الكلالة ما خلا الأب. ويُنظر: «تفسير الطبري» (٦/ ٤٧٥ - ٤٨٠) و «تفسير ابن أبي حاتم» (٣/ ٨٨٧) و «الدر المنثور» (٥/ ١٤٣ - ١٥٢).
(٢) اختُلف في عدد الإخوة الذين يحجبون الأم من الثلث إلى السدس، فقيل اثنان، ورُوي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن أقلهم ثلاثة. ينظر: «تفسير الطبري» (٦/ ٤٦٤ - ٤٦٧) و «السنن الكبرى» للبيهقي (٧/ ٢٢٧). وأفرد الحافظ ابن عبد الهادي لهذه المسألة جزءًا، ذكره ابن رجب في «ذيل الطبقات» (٥/ ١٢٩).
(٣) «شافيا» ليس في «ب».