للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تحريف النصوص الواردة (١) في الصِّفات مسالكَ إخوانهم من اليهود. ولمَّا لم يتمكنوا من تحريف نصوص القرآن حرَّفوا معانيَه وسطَوْا عليها، وفتحوا باب التأويل لكل ملحدٍ يكيد الدِّين، فإنه جاء فوجد بابًا مفتوحًا وطريقًا مسلوكة، ولم يمكنهم أن يُخرِجوه من بابٍ، أو يردُّوه من طريقٍ قد شاركوه فيها. وإن كان الملحد قد وسَّع بابًا هم فتحوه وطريقًا [ق ٦ ب] هم اشتقوه (٢) فهُمَا بمنزلة رجلين ائتُمِنا على مالٍ، فتأوَّل أحدهما وأكل منه دينارًا، فتأوَّل الآخر، وأكل منه عشرة. فإذا (٣) أنكر عليه صاحبُه قال: إن حلَّ (٤) أكلُ الدينار بالتأويل حلَّ (٥) أكلُ العشرة به. ولا سيما إذا زعم آكِلُ الدينار أن الذي ائتمنه إنما أراد منه التأويل، وأن المتأول أعلم بمراده من الممسك، فيقول له صاحبه: أنا أسعدُ منك وأولى بأكل هذا المال.

والمقصود أن التأويل يتجاذبه أصلانِ: التفسير والتحريف، فتأويل التفسير هو الحق، وتأويل التحريف هو الباطل.

فتأويل التحريف من جنس الإلحاد؛ فإنه هو المَيْل بالنصوص عمَّا هي عليه، إمَّا بالطعن فيها، أو بإخراجها عن حقائقها مع الإقرار بلفظها. وكذلك الإلحاد في أسماء الله، تارةً يكون بجحد معانيها وحقائقها، وتارةً يكون بإنكار المُسمَّى بها، وتارة يكون بالتشريك بينه وبين غيره فيها. فالتأويل الباطل هو


(١) «الواردة» ليس في «ب».
(٢) «ح»: «استبقوه».
(٣) «ح»: «وإذا».
(٤) «ح»: «أكل».
(٥) «ح»: «أكل».