للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك الحديث الآخر المشهور: «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ قَالُوا: يَا رَبِّ، خَلَقْتَ بَنِي آدَمَ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَنْكِحُونَ وَيَرْكَبُونَ، فَاجْعَلْ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الْآخِرَةَ. فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَا أَجْعَلُ صَالِحَ ذُرِّيَّةِ مَنْ خَلَقْتُ بِيَدَيَّ، وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي، كَمَنْ قُلْتُ لَهُ كُنْ فَكَانَ» (١).

وهذا التخصيص إنما فُهِم من قوله: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٤]، فلو كانت مثل قوله: {مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} [يس: ٧٠] لكان هو والأنعام في ذلك سواء. فلما فَهِم المسلمون أن قوله: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٤] يُوجِب (٢) له تخصيصًا وتفضيلًا، بكونه مخلوقًا (٣) باليدين، على من أُمر أن يسجد له، وفهم ذلك أهلُ الموقف حتى (٤) جعلوه من خصائصه،


(١) أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (١٣/ ٦٥٨) و «المعجم الأوسط» (٦١٧٣) عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -. وقال الهيثمي في «المجمع» (٢٦٥): «فيه إبراهيم بن عبد الله بن خالد المصيصي، وهو كذاب متروك، وفي سند «الأوسط» طلحة بن زيد، وهو كذاب أيضًا». ونقله الزيلعي في «تخريج الكشاف» (٢/ ٢٧٦) وفيه ابن عمر بدل «ابن عمرو».
وأخرجه الدارمي في «النقض» (١/ ٢٥٧) عن عبد الله بن عمرو بن العاص موقوفًا، وقال الذهبي في «العلو» (١٨٣): «إسناده صالح».
وأخرجه الدارمي في «النقض» (١/ ٢٥٦) وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (١/ ٤٨) عن ابن عمر مرفوعًا، وصحَّح الدارقطني في «العلل» (٢٨٤٣) وقفه.
وفي الباب عن جماعة من الصحابة والتابعين مرفوعًا ومرسلًا، ينظر: «تخريج الكشاف» للزيلعي (٢/ ٢٧٦ - ٢٧٨) و «الدر المنثور» للسيوطي (٩/ ٤٠٠ - ٤٠٢).
(٢) «ب»: «موجبًا». وفي «ح»: «فوجب». والمثبت من «م».
(٣) «بكونه مخلوقا». سقط من «ب».
(٤) «ح»: «حين».