للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما ذكرنا هذه النصوص التي هي غَيْضٌ من فيضٍ؛ ليعلم الواقفُ عليها أنها لا يفهم أحدٌ من عقلاء بني آدم منها شخصًا له شِقٌّ واحدٌ، وعليه أيدٍ كثيرة، وله ساقٌ واحدٌ، وله وجهٌ واحدٌ، وفيه عيونٌ كثيرةٌ. فهذه نصوص القرآن والسُّنَّة كما ترى، هل يفهم منها [عاقلٌ] (١) ما ذكره هذا الجهمي، أو أحدٌ ممَّن له أدنى فَهْم؟!

ومَن هذا قدْرُ النصوص عنده فهو حقيقٌ بألَّا يقبل منها شيئًا، ولا ينال منها هدًى، ولا يظفر منها بعلمٍ. وهي في حقِّه كما قال الله تعالى: {وَنُنزِلُ مِنَ اَلْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ اُلظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء: ٨٢]، وقوله تعالى: {وَإِذَا مَا أُنزِلَت سُّورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا اَلَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٥) وَأَمَّا اَلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} [التوبة: ١٢٥ - ١٢٦] [ق ١١ ب]، وقوله: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَاَلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهْوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} [فصلت: ٤٣]، وقوله: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا اَلْفَاسِقِين} (٢) [البقرة: ٢٥].

والله يعلم أن هذا من أعظم العضَهِ لها والتنقيص والطعن على مَن تكلَّم بها (٣) وجاء بها (٤). أو يقال له: هذا ظاهر كلامك وحقيقته.

فانظر إلى أقبح التشبيه والتمثيل الذي ادَّعوا أنه ظاهر النصوص، وإلى


(١) ليس في النسختين، وزدته ليستقيم الكلام.
(٢) من قوله: «وهي في حقه». إلى هنا ليس في «ب».
(٣) «ب»: «والتنقص بها ولَمْزِ من تكلم بها».
(٤) «ح»: «وأجابها».