الثاني: بيان تعيين ذلك المعنى؛ فإنه إذا أُخرج عن حقيقته قد يكون له معانٍ، فتعيين ذلك المعنى يحتاج إلى دليل.
الثالث: إقامة الدليل الصارِف للفظ عن حقيقته وظاهره، فلا يجوز العدول عنه إلَّا بدليلٍ صارفٍ يكون أقوى منه.
الرابع: الجواب عن المعارض، فإن مُدَّعي الحقيقة قد أقام الدليل العقلي والسمعي على إرادة الحقيقة.
الفصل العاشر في أن التأويل شرٌّ من التعطيل فإنه يتضمن التشبيه والتعطيل والتلاعب بالنصوص وإساءة الظن بها.
فإن المُعطِّل والمؤوِّل قد اشتركا في نفي حقائق الأسماء والصِّفات، وامتاز المُؤوِّل بتلاعبه بالنصوص وانتهاكه لحُرمتها وإساءة الظن بها، ونسبة قائلها إلى التكلم بما ظاهرُه الضلال والإضلال، فجمعوا بين أربعة محاذير:
المحذور الأول: اعتقادهم أن ظاهر كلام الله ورسوله المُحال الباطل، ففهموا التشبيه أولًا.
ثم انتقلوا عنه إلى المحذور الثاني وهو: التعطيل، فعطلوا حقائقها بناءً منهم على ذلك الفهم الذي يليق بهم، ولا يليق بالرَّبِّ جل جلاله.
المحذور الثالث: نسبة المتكلِّم، الكاملِ العلمِ، الكاملِ البيانِ، التامِّ النصحِ إلى ضد البيان والهدى والإرشاد، وأن المتحيِّرين المتهوِّكين أجادوا العبارة في هذا الباب، وعبَّرُوا بعبارةٍ لا تُوهِم من الباطل ما أوهمتْه عبارة المتكلم بتلك النصوص. ولا ريب عند كل عاقلٍ أن ذلك يتضمن أنهم كانوا أعلمَ منه أو أفصحَ أو أنصحَ للناس.