للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال تعالى: {وَاَللَّهُ يَقُولُ اُلْحَقَّ وَهْوَ يَهْدِي اِلسَّبِيلَ} [الأحزاب: ٤]، فأخبر أنه يقول الحقَّ ويهدي السبيل بقوله، وعند النُّفاة إنما (١) حصلت الهداية بأبكار أفكارهم، ونتائج آرائهم وعقولهم.

وقال تعالى: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: ١٨٥]، وقال: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اَللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ} [الجاثية: ٥]. وعند النُّفاة المُخرِجين لنصوص الوحي عن إفادة اليقين إنَّما حصل (٢) الإيمانُ بالحديث الذي أسَّسه الفلاسفة والجهمية والمعتزلة ونحوهم، فبه آمنوا وبه اهتدوا، وبه عرفوا الحقَّ من الباطل، وبه صحَّت عقولهم ومعارفهم.

وقال تعالى (٣): {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ اَلْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اِللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اِخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: ٨١]. وأنت لا تجد الاختلاف في شيءٍ أكثرَ منه في آراء المتأولين وسوانح أفكارهم وزبالة أذهانهم (٤)، التي يُسمونها قواطع عقلية وبراهين يقينية، وهي عند (٥) التحقيق خيالاتٌ وهمية وقوادحُ فكرية، نبذوا بها القرآن والسُّنَّة وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون، واتبعوا ما {يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ اَلْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (١١٣) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ اُلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا


(١) «ح»: «إذا». والمثبت من «م».
(٢) بعده في «ح»: «له». وليست في «م».
(٣) عند قوله تعالى {وَلَوْ} انتهى السقط الطويل الواقع في «ب»، الذي بدأ في أثناء الفصل التاسع.
(٤) «ح»: «رذالة أوهامهم».
(٥) «ب»: «عين».