للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويَرْوُون (١): «يَنْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا» (٢)، ولا يعرفون معنى ذلك ولا ما أُريدَ به؛ ولازمُ قولهم أن الرسول كان يتكلم بذلك ولا يعلم معناه، ثم تناقضوا أقبحَ تناقُضٍ، فقالوا: تُجرَى على ظواهرها، وتأويلُها بما (٣) يخالف الظواهر باطلٌ، ومع ذلك فلها تأويلٌ لا يعلمه إلَّا الله. فكيف يُثبِتون (٤) لها تأويلًا، ويقولون: تجرى على ظواهرها، ويقولون (٥): الظاهر منها غير (٦) مرادٍ، والربُّ منفرد بعلم تأويلها. وهل في التناقض أقبحُ من هذا؟!

وهؤلاء غلطوا (٧) في المتشابه، وفي جعل هذه النصوص من المتشابه، وفي كَوْن المتشابه لا يعلم معناه إلَّا الله، فأخطؤوا في المقدِّمات الثلاث. واضطرهم إلى هذا التخلصُ من تأويلات المبطِلين وتحريفات المعطِّلين، وسدُّوا على نفوسهم الباب، وقالوا: لا نرضى بالخطأ، ولا وصولَ لنا إلى الصواب.

فهؤلاء تركوا التدبُّر المأمور به والتذكر والعقل لمعاني النصوص، الذي هو أساس الإيمان وعمود اليقين، وأعرضوا عنه بقلوبهم، وتعبَّدوا بالألفاظ المجردة التي أُنزلت في ذلك، وظنوا أنها أُنزلت للتلاوة والتعبُّد بها دون تعقُّل


(١) «ح»: «ويرون».
(٢) متفق عليه، وقد تقدم تخريجه.
(٣) «ح»: «مما».
(٤) «ح»: «ينسبون».
(٥) «ح»: «ظواهر أو يقولون».
(٦) «غير» ليس في «ح».
(٧) في النسختين: «عطلوا». والمثبت من «م».