للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِأَرْضٍ فَلَاةٍ، وَالْكُرْسِيَّ فِي (١) الْعَرْشِ كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي أَرْضٍ (٢) فَلَاةٍ، وَالْعَرْشُ لَا يُقَدِّرُ قَدْرَهُ إِلَّا اللَّهُ، وَهُوَ سُبْحَانُهُ فَوْقَ عَرْشِهِ يَرَى مَا عِبَادُهُ عَلَيْهِ» (٣).

فهذا هو الذي قام بقلوب المؤمنين المصدِّقين العارفين به سبحانه من المثل الأعلى، فعرفوه به، وعبدوه به، وسألوه به (٤) فأحبوه وخافوه ورجَوْه، وتوكلوا عليه، وأنابوا إليه، واطمأنوا بذِكره، وأَنِسُوا بحبه بواسطة هذا التعريف. فلم يصعب عليهم بعد ذلك فَهمُ (٥) استوائه على عرشه، وسائرِ ما وصف به نفسَه من صفات كماله (٦)؛ إذ قد أحاط علمهم بأنه لا نظيرَ لذلك ولا مثلَ له، ولم يخطر بقلوبهم مماثلتُه لشيءٍ من المخلوقات.

وقد أعلمهم سبحانه على لسان رسوله «أَنَّهُ يَقْبِضُ سَمَاوَاتِهِ بِيَدِهِ


(١) «ب»: «و».
(٢) «ب»: «بأرض».
(٣) أخرجه محمد بن عثمان بن أبي شيبة في «العرش» (٥٨) والطبري في «التفسير» (٤/ ٥٣٩) وابن حبان (٣٦١) وأبو الشيخ في «العظمة» (٢٠٦) والبيهقي في «الأسماء والصفات» (٨٦١، ٨٦٢) عن أبي ذر - رضي الله عنه - دون قوله: «والعرش لا يَقدر قَدْره إلا الله ... » الحديث، وقال الذهبي في «العلو» (٣٠٧): «الخبر منكر». وقال ابن حجر في «الفتح» (١٣/ ٤١١): «وله شاهد عن مجاهد أخرجه سعيد بن منصور في «التفسير» بسند صحيح». وقد روي معناه موقوفًا من عدة طرق، ينظر: «الدر المنثور» للسيوطي (٣/ ١٩٣، ٧/ ٦١٧).
(٤) «به» ليس في «ح».
(٥) «فهم» ليس في «ح».
(٦) «ب»: «جماله».