للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأصح الروايات في الباب، فإن جُلَّ الأحاديث المذكورة في الكتاب للاستدلال أحاديث صحيحة مشهورة، والنزر اليسير المضعف منها هو مع قلته من النوع المتجاذب بين الحفاظ فمنهم من يقويه ومنهم من يضعفه، كحديث الأطيط (١)، وأما النادر الضعيف كحديث: «بَيْنَا أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي نَعِيمِهِمْ إِذْ سَطَعَ لَهُمْ نُورٌ، فَرَفَعُوا رُؤُوسَهُمْ، فَإِذَا الْجَبَّارُ جَلَّ جَلَالُهُ قَدْ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِهِمْ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ» فهو يذكره للاستشهاد مع الأدلة الأخرى، أو يذكره عرضًا في استطراداته.

وتمكن ابن القيِّم من الكتاب والسُّنة قوَّى حجته وأعانه على الجمع بين الروايات والترجيح بينها وبيان الصحيح منها والسقيم، ودحض شبهات الفرق ورد أباطيلهم، من ذلك:

قوله (ص ٥٠٠ - ٥٠١): «إن المسائل التي يُقال إنه قد تعارَض فيها العقل والسمع ليست من المسائل المعلومة بصريح العقل كمسائل الحساب والهندسة والطبيعيات اليقينية، فلم يجئ في القرآن ولا في السُّنَّة حرفٌ واحدٌ يخالف العقل في هذا الباب. وما جاء من ذلك فهو مكذوبٌ ومفترًى كحديث: «إن الله لمَّا أراد أن يخلق نفسه خَلَقَ خيلًا فأجراها فعَرِقت، فخلق نفسه من ذلك العرق»، وحديث: «نزوله عشية عرفة على جمل أورق يصافح الركبان، ويعانق المشاة».

وقوله (ص ١١٠٦ - ١٠٠٧): «ومن هذا معارضة بعضهم الأحاديث الصحيحة الصريحة التي تكلم فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - بأين الله؟ وسمع السؤال بأين الله؟ وأقرَّ السائل عليه ولم ينكره. كما كفره هؤلاء، فعارضوها كلها بحديثٍ


(١) ينظر تخريجه (ص ٩٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>