للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رحمتي، ويخافون عذابي، كما ترجون أنتم رحمتي، وتخافون عذابي، فلماذا تعبدونهم من دوني؟

وقال تعالى: {مَا اَتَّخَذَ اَللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اَللَّهِ عمَّا يَصِفُونَ} [المؤمنون: ٩٢]. فتأمَّلْ هذا البرهان الباهر بهذا اللفظ الوجيز البيِّن (١)، فإن الإله الحق لا بد أن يكون خالقًا فاعلًا، يُوصِل إلى عابده النفعَ، ويدفع عنه الضرَّ، فلو كان معه سبحانه إلهٌ لكان له خلقٌ وفعلٌ، وحينئذٍ فلا يرضى بشركة الإله الآخر (٢) معه، بل إنْ قَدَر على قهره وتفرُّده بالإلهية دونه فعَلَ (٣)، وإن لم يقدر على ذلك انفرد بخَلْقه وذهب به، كما ينفرد ملوك الدنيا عن بعضهم بعضًا بممالكهم (٤)؛ إذا لم يقدر المنفرد على قهر الآخر والعلو عليه، فلا بد من أحد أمورٍ ثلاثة:

إمَّا أن يذهب كل إلهٍ بخَلْقه وسلطانه.

وإمَّا أن يعلو بعضهم على بعضٍ.

وإمَّا أن يكون كلهم تحت (٥) قهر إلهٍ واحدٍ وملكٍ واحدٍ، يتصرف فيهم ولا يتصرفون فيه، ويمتنع مِن حُكمهم عليه (٦)، ولا يمتنعون مِن حُكمه


(١) «البين» ليس في «ح».
(٢) «ح»: «الآمر».
(٣) «ح»: «فعلي».
(٤) «ح»: «بمماليكهم».
(٥) «تحت» ليس في «ح».
(٦) «عليه» ليس في «ح».