للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يريده بلفظ أخفى من لفظه الصريح، كما كنَّى الله سبحانه عن الجماع بالدخول وبالمَسِّ واللمس والإفضاء، وكما يُكنى عن الفرج بالهَنِ، ونحو ذلك.

وأمَّا التعريض فإيهام (١) السامع معنًى ومرادُه (٢) خلافه، كالتعريض بالقذف مثلًا. فإذا قال: ما أنا بزانٍ أوهَمَ (٣) السامع نفي الزِّنا عن نفسه، ومراده إثباته للسامع، قال الحماسي (٤):

لَكِنَّ قَوْمِي وَإِنْ كَانُوا ذَوِي عَدَدٍ ... لَيْسُوا مِنَ الشَّرِّ فِي شَيْءٍ وَإِنْ هَانَا

كَأَنَّ رَبَّكَ لَمْ يَخْلُقْ لِخَشْيَتِهِ ... سِوَاهُمُ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ إِنْسَانَا

فإنه أوهم السامع تنزيههم عن الشرور ووصفهم بخشية الله، ومرادُه وصفُهم بالعجز والجبن.

ومثله قول الآخر (٥):

قُبَيِّلَةٌ لَا يَغْدِرُونَ بِذِمَّةٍ ... وَلَا يَظْلِمُونَ النَّاسَ حَبَّةَ خَرْدَلِ

وَلَا يَرِدُونَ الْمَاءَ إِلَّا عَشِيَّةً ... إِذا صَدَرَ الْوُرَّادُ عَنْ كُلِّ مَنْهَل


(١) «ح»: «فإفهام».
(٢) «ح»: «ويراد».
(٣) «ح»: «أفهم».
(٤) البيتان لقُرَيط بن أُنَيف أحد بني العنبر، يُنظر «ديوان الحماسة» لأبي تمام (١/ ٥٧ - ٥٨).
(٥) البيتان للنجاشي الحارثي، ينظر «الوحشيات» لأبي تمام (ص ٢١٥ - ٢١٦)، و «جمهرة الأمثال» للعسكري (١/ ٨١).