- وفي الكتاب استطرادات كثيرة حافلة بالفوائد، وما أجمل استطراداته في تفسير آيات كريمات وتدبُّر معانيها، وكذلك استطرادته في التدبُّر في خلق الله تعالى.
- ومع الإسهاب الظاهر في مباحث الكتاب إلا أن ابن القيِّم أشار في عدَّة مواضع إلى أنه كَتَبه مختصرًا؛ وتمنى لو تيسر له بسطه، ومن هذه الإشارات:
قوله (ص ٤٧٣): «وهذا قطرةٌ من بحرٍ نبَّهنا به تنبيهًا يعلم به اللبيب ما وراءه، وإلا فلو أعطينا هذا الموضع حقَّه ـ وهيهات أن يصل إلى ذلك علمنا أو قدرتنا ـ لكتبنا فيه عدة أسفارٍ. وكذا كل وجهٍ من هذه الوجوه، فإنه لو بُسط وفُصِّل لاحتمل سفرًا أو أكثر، والله المستعان، وبه التوفيق».
وقوله (ص ٦٤٢): «إن كل شُبهةٍ من شُبه أرباب المعقولات عارضوا بها الوحي فعندنا ما يبطلها بأكثر من الوجوه التي أبطلنا بها معارضة شيخ القوم، وإن مدَّ الله في الأجل أفردنا في ذلك كتابًا كبيرًا».
وينظر (ص ٧٨٣، ٨٢٥).
- وظهر في الكتاب إنصاف الإمام ابن القيِّم، وكان يُوثق الأقوال بعزوها إلى مصادرها، ويقول (ص ٩٠٤): «ونحن لا نحيلك على عدمٍ، بل نحكي ألفاظهم بعينها معزوةً إلى مكانها». ويُفرق بين القول ولا زمه، فيقول (ص ٧٧٧): «أن هؤلاء المعارضين للوحي بآرائهم جعلوا كلام الله ورسوله من الطرق الضعيفة المزيفة التي لا يتمسك فيها في العلم واليقين. ولعلك تقول إنا حكينا ذلك عنهم بلازم قولهم، فاسمع حكاية ألفاظهم». ثم حكاها.
فمن إنصافه أنه عاب على من يحكي مذاهب الناس بما يعتقده لازمًا لأقوالهم؛ فقال (ص ٨٢٦): «ولعل جاهلًا أن يقول: إنَّا قلنا عليهم ما لم