للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه تخصيص لِمَا قَصَدَ الشارعُ تعميمَه. ولهذا لم يختلف المخاطَبون بالقرآن أولًا ـ وهم الصحابة ـ في تحريم ذلك كله (١).

فصل

ومن هذا الخلاف العارض من جهة كون اللفظ مشتركًا أو مجملًا أو مترددًا بين حمله على معناه عند الإطلاق ـ وهو المسمَّى بالحقيقة ـ أو على معناه عند التقييد ـ وهو المسمَّى بالمجاز ـ كاختلافهم في المراد من القُرْء هل هو الحيض أو الأطهار، ففَهِمَتْ طائفةٌ منه الحيضَ، وأخرى الطُّهْرَ (٢).

وكما فهمت طائفةٌ من الخيط الأبيض والأسود الخيطين المعروفين، وفَهِمَ غيرهم بياضَ النهار وسوادَ الليل (٣).

وكما فهمت طائفةٌ من قوله في التيمم: {فَاَمْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم


(١) «كله» ليس في «ب».
(٢) اختلف العلماء في الأقراء، فقال أهل الكوفة: هي الحيض. وهو قول عمر وعلي وابن مسعود وأبي موسى ومجاهد وقتادة والضحاك وعكرمة والسدي. وقال أهل الحجاز: هي الأطهار. وهو قول عائشة وابن عمر وزيد بن ثابت والزهري وأبان بن عثمان والشافعي. ينظر: «تفسير الطبري» (٤/ ٨٧ - ١٠٥) و «التفسير البسيط» للواحدي (٤/ ٢٠٩ - ٢١٦) و «تفسير القرطبي» (٣/ ١١٣ - ١١٧).
(٣) أخرج البخاري (١٩١٧) ومسلم (١٠٩١) عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: «أُنزلت: {وَكُلُوا وَاَشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ اُلْخَيْطُ اُلْأَبْيَضُ مِنَ اَلْخَيْطِ اِلْأَسْوَدِ} ولم ينزل: {مِنَ اَلْفَجْرِ}. فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجله الخيط الأبيض والخيط الأسود، ولم يزل يأكل حتى يتبين له رؤيتهما، فأنزل الله بعد: {مِنَ اَلْفَجْرِ}، فعلموا أنه إنما يعني الليل والنهار».