للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلَّا باليمين إلى الطالب، كان فيه دليل على أن ترك أدائها إيجابٌ للدعوى (١) عليه، وتصديق لِمَا يُدَّعى. قال: وقد زعم بعض من يدَّعي النظر في الفقه أن إباء اليمين لا يُوجِب عليه حقًّا، ولكنه ـ زعم ـ يُحبَس حتى يُقِرَّ أو يَحلِف، وهذا خلاف التأويل والأخبار وإجماع العلماء.

ومن ذلك: ما (٢) قاله مالك في «موطَّئه» (٣): «الأمر المجمع عليه عندنا والذي سَمِعتُ ممَّن أرضى به في القَسامة (٤)، والذي اجتمعت عليه الأُمة في القديم والحديث، أن يبدأ بيمين المدَّعين في القسامة، وأن القسامة لا تجب إلَّا بأحد أمرين: إمَّا أن يقول المقتول: دمي عند فلان، أو يأتي وُلاة الدم بلَوْثٍ (٥)، فهذا يوجب القسامة للمدَّعين للدم على مَنِ ادَّعوه عليه. قال مالك: ولا تجب القسامة إلَّا بأحد هذين الوجهين. قال مالك: وتلك السُّنَّة التي لا اختلاف فيها عندنا، والذي لم يَزَلْ عليه الناس أن المُبَدَّئين بالقسامة


(١) «ح»: «الدعوى».
(٢) «ما». سقط من «ب».
(٣) «الموطأ» (٢/ ٧٨٧).
(٤) القسامة: اليمين، كالقسم، وحقيقتها أن يقسم من أولياء الدم خمسون نفرًا على استحقاقهم دم صاحبهم، إذا وجدوه قتيلًا بين قومٍ ولم يعرف قاتله، فإن لم يكونوا خمسين أقسم الموجودون خمسين يمينًا، ولا يكون فيهم صبي ولا امرأة ولا مجنون ولا عبد، أو يقسم بها المتهمون على نفي القتل عنهم، فإن حلف المدعون استحقوا الدية، وإن حلف المتهمون لم تلزمهم الدية. «النهاية في غريب الحديث» (٤/ ٦٢).
(٥) اللوث: أن يشهد شاهدٌ واحدٌ على إقرار المقتول قبل أن يموت أن فلانًا قتلني، أو يشهد شاهدان على عداوة بينهما، أو تهديد منه له، أو نحو ذلك، وهو من التلوث: التلطخ. يقال: لاثه في التراب ولوثه. «النهاية في غريب الحديث» (٤/ ٢٧٥).